نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أشخاص يعيشون بلا نوم منذ سنوات دون تفسير طبي واضح - المصدر 7, اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 04:51 مساءً
المصدر 7 - يُعَدّ النوم إحدى أهمّ العمليات الحيوية التي يحتاجها الإنسان للحفاظ على توازن وظائف الجسد والعقل. فخلال النوم، يُرمِّم الدماغ شبكاته العصبية، وتُفرَز الهرمونات المسؤولة عن النمو والمناعة وتنظيم المزاج. وتشير دراسات "مؤسّسة النوم الوطنية" (National Sleep Foundation) إلى أنّ البالغ يحتاج بين 7 و9 ساعات نوم يومياً ليستعيد نشاطه الكامل.
لكن المدهش أنّ هناك حالات نادرة في التاريخ الطبي لأشخاص استطاعوا العيش لسنوات دون نوم فعليّ، في ظاهرة حيّرت العلماء وأثارت تساؤلات حول قدرة الجسد البشري على تجاوز قوانينه البيولوجية.
متلازمة الأرق المميت (Fatal Familial Insomnia)
إحدى الظواهر المرتبطة بعدم النوم هي متلازمة الأرق المميت الوراثي، وهي اضطراب جيني نادر يصيب أقل من 1 من كل 10 ملايين شخص حول العالم.
يحدث هذا المرض بسبب خلل في بروتين "بريون" (Prion protein)، يؤدي إلى تدهور تدريجي في منطقة المهاد (Thalamus) المسؤولة عن تنظيم دورات النوم والاستيقاظ.
يبدأ المرض عادة بنوبات أرق شديدة تمتد لأشهر، ثم يدخل المصاب في حالة من الهذيان وفقدان الذاكرة، إلى أن تنهار وظائفه العصبية بالكامل.
ورغم المحاولات العلاجية المتعدّدة، لم يُكتشف حتى الآن علاج فعّال لهذه المتلازمة القاتلة، مما يجعلها واحدة من أكثر ألغاز علم الأعصاب غموضاً.
أشخاص لم يناموا فعلاً: أساطير أم حقائق؟
وثّقت مجلّات طبية، منها The Guardian Health وMedical News Today، حالات نادرة لأشخاص ادّعوا العيش بلا نوم لسنوات، مثل:
ثاي نغوك (Thai Ngoc) من فيتنام، الذي زعم أنّه لم ينم منذ عام 1973 بعد إصابته بحمّى شديدة. خضع الرجل لفحوصات في جامعة "هو تشي منه" أثبتت أنّه لا ينام فعلاً، لكن جسده لا يُظهر علامات انهيار أو إجهاد.
بول كيرن (Paul Kern) الجندي المجري في الحرب العالمية الأولى، الذي فقد قدرته على النوم بعد إصابته برصاصة في الرأس عام 1915، ومع ذلك عاش أكثر من 30 عاماً دون نوم حقيقي.
هذه الحالات ظلّت غامضة حتى اليوم، إذ لم تُظهر التحاليل الطبية أي تفسير مقنع حول كيفية استمرار وظائف الجسد دون نوم.
كيف يُعوّض الدماغ غياب النوم؟
يرى الباحثون أنّ بعض هؤلاء الأشخاص لا يعيشون بلا نوم كليّاً، بل يدخلون في حالات “نصف وعي” أو ما يُعرف بـ النوم المجهري (Microsleep)، حيث يغلق الدماغ أجزاء محدّدة من نشاطه لثوانٍ معدودة دون إدراك الشخص لذلك.
هذه الظاهرة تتيح للجسم "راحة جزئية"، رغم أنّها لا تعوّض تماماً غياب النوم الكامل.
في دراسة من جامعة "ستانفورد" الأمريكية، أظهر التصوير بالرنين المغناطيسي أنّ أدمغة بعض مرضى الأرق الشديد تُفعّل مناطق الراحة الذهنية خلال فترات الصمت أو التأمل، ما قد يفسّر استمرارهم في العمل بشكل طبيعي لفترات طويلة.
التفسير العلمي المحتمل
يفترض علماء الأعصاب أنّ الأشخاص الذين يعيشون بلا نوم يمتلكون اختلافات نادرة في كيمياء الدماغ، خصوصاً في الناقل العصبي غابا (GABA)، الذي يلعب دوراً محورياً في تهدئة النشاط العصبي والتحفيز على النوم.
كما تشير بعض الأبحاث الحديثة إلى أنّ الجينات المسؤولة عن الساعة البيولوجية — مثل PER2 وCLOCK — قد تكون مضطربة في هذه الحالات، ما يغيّر إيقاع النوم واليقظة الطبيعي.
المخاطر الصحية لغياب النوم
رغم غرابة هذه الظاهرة، فإنّ الحرمان المزمن من النوم يحمل مضاعفات خطيرة. فقد أكّدت منظمة الصحة العالمية أنّ النوم أقل من 5 ساعات يومياً يزيد احتمال:
الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. ضعف المناعة واضطراب الهرمونات. تدهور الذاكرة والتركيز. زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق المزمن.حتى الحالات التي يُعتقد أنّها "تعيش بلا نوم"، تظلّ عرضة للتدهور الجسدي والنفسي على المدى الطويل.
أبحاث حديثة تكشف أسراراً جديدة
في عام 2023، نشرت جامعة "هارفارد" دراسة حول تأثير الخلايا النجمية (Astrocytes) في تنظيم النوم، مشيرةً إلى أنّ بعض التغيّرات الوراثية قد تُبقي الدماغ في حالة يقظة جزئية دون ضرر فوري.
هذه النتائج تفتح الباب أمام أبحاث جديدة لفهم العلاقة بين النوم والإدراك العصبي، وربما تطوير علاج جذري لمتلازمات الأرق المزمن.
تُظهر هذه الحالات أنّ النوم ليس مجرد عادة بشرية، بل حاجة وجودية. ورغم أنّ بعض الأفراد استطاعوا النجاة لسنوات دون نوم حقيقي، إلا أنّ العلم يؤكد أنّ هذه الحالات تُعدّ استثناءات خارقة للقواعد الطبيعية، ولا يمكن الاعتماد عليها كنموذج صحي.
يظلّ النوم الركيزة الأساسية للحفاظ على العمر العقلي والجسدي، وفهم أعمق لأسراره قد يقود يوماً إلى علاج أمراض عصبية معقّدة، وربما إلى إعادة تعريف معنى الوعي نفسه.












0 تعليق