نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
توماس باراك… حين تسقط الأقنعة في مؤتمر واشنطن - المصدر 7, اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 01:56 صباحاً
كتب زياد فرحان المجالي -
لم يكن المؤتمر الصحفي الذي عقده رجل الأعمال الأمريكي من أصل لبناني توماس باراك في واشنطن حدثًا إعلاميًا عابرًا، بل مشهدًا كاشفًا لسقوط جدار الغطرسة الذي حاول أن يبنيه بين السياسة والإعلام، بين المال والكلمة، بين النفوذ والحقيقة.
باراك الذي أراد تقديم نفسه كـ"مهندس للسلام" بين إسرائيل وسوريا، خرج من القاعة مطأطئ الرأس بعدما وصفه صحفيون أمريكيون بـ"الحيوان"، في واحدة من أكثر المواجهات حدة في الذاكرة السياسية الحديثة.
من مؤتمر إلى محاكمة علنية
بدأ المؤتمر بإعلانٍ أراد باراك من خلاله أن يُظهر نفسه كصاحب مبادرة جديدة لتوقيع اتفاق "خفض التصعيد" بين إسرائيل وسوريا. لكنّ الأسئلة التي وُجهت إليه من صحفيين ليبراليين ويُعرف عنهم تعاطفهم مع الحق السوري، حوّلت المنصة إلى محكمة علنية.
فقد سألته الصحفية كاثرين جونسون من شبكة Democracy Right Now عن منطق حديثه، إذ كيف يمكن الحديث عن "خفض التصعيد" بينما إسرائيل هي التي تشعل الجبهات وتقصف المدن وتخرق اتفاق الهدنة لعام 1974، في حين أن سوريا — كما قالت — لم تطلق رصاصة واحدة باتجاه إسرائيل منذ عقود؟
لم يجد باراك سوى أن يكرر المبررات الإسرائيلية الجاهزة: "إسرائيل تدافع عن نفسها، وتخشى من نظام إسلامي جهادي جديد في دمشق”. تلك العبارة التي أسقطت عنه صفة الوسيط، وأظهرت أنه ليس أكثر من مُسوّق دعائي للموقف الإسرائيلي.
الأسد والجولان… سؤال أسقط القناع
وجاء السؤال الثاني أكثر قسوة. الصحفي روبرت واليس من شبكة Progressive Movement واجه باراك بسؤال صريح:
"إذا كان حافظ الأسد قد باع الجولان كما تدّعون، فلماذا لم تُبرز إسرائيل وثيقة البيع طوال ثلاثين عامًا من حكمه؟ أهي دولة ضعيفة إلى هذا الحد؟"
تجمّد باراك، وتلعثم أمام سؤالٍ بسيط ينسف الرواية المكرّرة منذ عقود. ثم حاول أن يهرب إلى الخلف قائلاً: "أنا رجل أعمال عقاري، لم أكن في السياسة آنذاك."
لكنّ اللحظة كانت كافية ليكتشف الحضور أن الرجل يملك ثروة من العلاقات لا من الحقيقة، وأنه حين يُسأل عن التاريخ، يعود إلى لغة المكاتب العقارية التي لا تصلح في عالم السياسة.
حين فقد باراك أعصابه
أما السؤال الثالث الذي وجّهه الصحفي جون باريوايت من محطة One World فكان بمثابة القشة التي قصمت مشهد الغرور. سأله: "هل أنت سياسي أم سمسار عقارات؟ وهل تعمل وسيطًا لأمريكا أم لإسرائيل؟ أم أنك ترى أن أمريكا كلها تعمل لصالح إسرائيل؟"
هنا انفجر باراك غضبًا وقال للصحفيين: "كفّوا عن التصرّف كالحيوانات!"
لكن الرد جاء مدويًا من أحد كبار الصحفيين في مؤسسة Freedom Now: "لسنا صحفيين عرب لتصفنا بالحيوانات. نحن صحفيون أمريكيون يحمينا القانون. ومن مثلك أقل من حيوان، لأنك لا تفهم بالسياسة ولا الدبلوماسية مثل معلّمك ترامب."
لم يحتمل باراك الموقف، فغادر القاعة وسط صرخات الاستهجان، في مشهدٍ جسّد انهيار صورة رجلٍ كان يُقدَّم يومًا كـ"العقل الهادئ" خلف إدارة ترامب في الشرق الأوسط.
الإعلام الأمريكي… كسر حاجز الخوف من إسرائيل
ما جرى في تلك القاعة لم يكن مشهدًا شخصيًا فقط، بل تحولًا في المناخ الإعلامي الأمريكي.
فالصحفيون الذين كانوا يتجنّبون سابقًا أي نقدٍ مباشر لإسرائيل، صاروا اليوم يتحدثون عنها بصراحة، بل يتهمونها بالعدوان والتصعيد.
هذا التبدّل يعكس أن الوعي الأمريكي بدأ يستيقظ على ازدواجية الخطاب الرسمي، وأن مرحلة "التقديس السياسي لإسرائيل" بدأت تتآكل، خصوصًا بعد حروب غزة الأخيرة وما رافقها من صور الدمار والمجازر التي بثتها وسائل الإعلام العالمية دون قدرة واشنطن على تبريرها.
من سمسار عقارات إلى سمسار مواقف
توماس باراك الذي صنع ثروته في عالم العقارات، لم يستطع أن يبيع "صفقة سياسية" كما يبيع الأبراج. فالمؤتمر كشف أن الرجل يكرر العبارات الجاهزة التي يلقّنها اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، دون أن يدرك أن الرأي العام الأمريكي تغيّر، وأن جيلًا جديدًا من الصحفيين لم يعد يخاف من السؤال المحرَّم.
لقد أراد أن يبدو وسيطًا بين إسرائيل وسوريا، فإذا به يظهر وسيطًا بين المال والنفوذ، بلا فكرة ولا مبدأ.
لم يكن سقوط توماس باراك مجرد لحظة غضب، بل سقوط مشروع كامل من العلاقات العامة التي حاولت تبييض وجه إسرائيل عبر رجال المال والإعلام.
لقد تهاوت الأسطورة في لحظة، حين رفع صحفي أمريكي صوته وقال: "لسنا صحفيين عربًا لتسكتنا، نحن نحاسبك على الكلمة والحقيقة.”
وفي تلك اللحظة، لم يسقط باراك وحده، بل سقطت معه صورة "الوسيط الأمريكي النزيه” التي طالما استخدمتها واشنطن غطاءً لسياساتها في الشرق الأوسط.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : توماس باراك… حين تسقط الأقنعة في مؤتمر واشنطن - المصدر 7, اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 01:56 صباحاً




