الأدباء يرسمون ملامح المرأة من إدريس إلى محفوظ - المصدر 7

الجمهورية اونلاين 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
 الأدباء يرسمون ملامح المرأة من إدريس إلى محفوظ - المصدر 7, اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 12:57 مساءً

المصدر 7 - ، والمُهدى هذا العام إلى اسم السيناريست الراحل أسامة أنور عكاشة تقديرًا لمسيرته الإبداعية.
شهد اليوم الثاني من المؤتمر جلستين بحثيتين تلاهما ختام وتكريم المشاركين، وسط حضور من النقاد والأدباء والمبدعين.

أدار الجلسة الأولى الدكتور حسن الجوخ، وافتتحها الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب الحديث بجامعة القاهرة، بورقة عن صورة المرأة الضحية في “الحرام” ليوسف إدريس والفيلم المأخوذ عنها. رأى حمودة أن الحرام في الرواية يشكّل نسقًا دلاليًا يتأمل المباح والمحظور داخل المجتمع، وأن إدريس طرح تساؤلات أخلاقية دون إجابات، ليكشف مأزق المرأة داخل منظومة القيم. وأشار إلى أن مفردة اللقيط رمزٌ لإدانة جماعية لمجتمعٍ يشارك في جريمة الصمت، وأن الرواية تناقش الحرام كفكرة فكرية وأخلاقية لا كفعل فردي.
وأوضح أن فيلم بركات (1965) ركّز على شخصية عزيزة التي جسدتها فاتن حمامة، فجعل منها محورًا إنسانيًا أعمق من الرواية التي ظهرت فيها متأخرة نسبيًا، مؤكدًا أن المرأة تبقى في العملين ضحية مجتمعٍ يجرمها باسم الأعراف بينما يغيب عنه العدل والرحمة.

ثم تناول الدكتور محمد عبدالله حسين، أستاذ كلية دار العلوم بجامعة المنيا، صورة المرأة بين الريف والمدينة في “شباب امرأة” لأمين يوسف غراب. وأوضح أن العمل استند إلى ثلاث صيغ: القصة القصيرة، الفيلم، ثم الرواية التي كتبها غراب بعد عرض الفيلم بناء على اقتراح المخرج صلاح أبو سيف. كتب السيناريو نجيب محفوظ والسيد بدير، وقدّم العمل مقارنة بين المرأة الريفية ستيتة التي تضحي من أجل ابنها، والمرأة المدنية شفعات التي تمثل الأنوثة والرغبة والسلطة. ورأى أن الفيلم لم يُدن المرأة بل رصد التحولات الاجتماعية بين الريف والمدينة في خمسينيات القرن الماضي، مشيرًا إلى تأثر غراب بقصة فرنسية هي سافو دون الإشارة إليها.

وفي مداخلة الدكتورة سحر الشريف، تناولت صورة المرأة في أدب نجيب محفوظ بين الرواية والدراما، مركّزة على الثلاثية التي رصدت تطور الأسرة المصرية من داخل بيت السيد أحمد عبد الجواد كرمز للسلطة الأبوية إلى لحظة التحرر الاجتماعي. وقدّمت شخصية أمينة نموذج المرأة المطيعة الطيبة، التي تتبدل تدريجيًا مع تغيّر الزمن، إذ تكتشف بعد وفاة الزوج أنها فقدت محور حياتها. وأشادت الشريف بأداء آمال زايد في تجسيد أمينة بعمق إنساني في إخراج حسن الإمام، مؤكدة أن محفوظ جعل منها رمزًا خالدًا للأنثى المصرية التي تجمع بين الضعف الإنساني والنقاء الروحي.

ثم عقدت الجلسة الرابعة، التي أدارها الدكتور منير فوزي، وشهدت مشاركة كل من: الدكتورة عزة بدر، والدكتورة ندى يسري، والدكتور طارق مختار.

تناولت عزة بدر في ورقتها صورة المثقف في “ثرثرة فوق النيل” لنجيب محفوظ بين الرواية والسينما، مشيرة إلى أن محفوظ قدّم المثقف المصري ككائن مأزوم يملك الوعي ويفقد الإرادة، مجسدًا ذلك في شخصية أنيس زكي المنعزل في عوامة ترمز إلى انفصال النخبة عن المجتمع. واستخدم محفوظ تقنيات سردية حديثة بدمج السرد والمسرح عبر شخصية سمارة بهجت التي تكتب عن أبطال الرواية، لتصبح الرواية مرآة للفن والواقع معًا. وأضافت أن محفوظ أنهى الرواية برمز الأمل عبر الحوت، بينما قدّم المخرج حسين كمال نهايةً مأساوية بغرق العوامة، لتصبح إدانة صريحة للمثقف السلبي المنعزل عن الناس.

ثم عرضت ندى يسري ورقتها حول صورة المثقف بين روايتي وفيلمي “قصر الشوق” و”القاهرة 30”، موضحة أن كمال عبد الجواد ومحجوب عبد الدايم يجسدان نموذجين متناقضين للمثقف المصري في الستينيات. الأول المثقف المثالي الباحث عن المعنى، والثاني النفعي الذي ساوم على القيم. ورأت أن محفوظ في الروايتين كشف اغتراب المثقف بين المثال والواقع، بينما أبرزت المعالجات السينمائية الأبعاد الاجتماعية والسياسية في ظل المشروع الناصري، كاشفةً تمزق الوعي بين الطموح الأخلاقي والانكسار الواقعي.

واختُتمت الجلسة بمداخلة الدكتور طارق مختار الذي حملت ورقته البحثية عنوان: “نسق الأنثى بين تحولات السرد وتمثلات الصورة: رواية ذات نموذجًا”. أوضح أن رواية “ذات” لصنع الله إبراهيم قدّمت نموذجًا مركبًا للمرأة المصرية بوصفها مرآةً لتحولات المجتمع، حيث تداخل فيها الخطاب الواقعي والتوثيقي لرصد التغيرات الاجتماعية والسياسية من منظور أنثوي. ورأى أن الرواية تجاوزت حدود الشخصية الفردية لتجعل من المرأة رمزًا لجسد الوطن بما يحمله من اغتراب وسعي لاستعادة الهوية. وأكد أن الفارق بين رؤية الروائي والسيناريست يكمن في تحويل “ذات” من نموذج فردي إلى رمز اجتماعي، يجسد صراع المرأة مع البنية الذكورية والثقافة الأبوية، لتصبح شاهدة على تحولات المجتمع المصري من الستينيات إلى الثمانينيات.

ثم عقدت الجلسة الختامية، ومنحت الدكتورة زينب فرغلي شهادات التقدير للمشاركين، مشيرة إلى أن هذا المؤتمر الذي انعقد بالمجلس الأعلى للثقافة يومي 9 و10 نوفمبر الجاري، بتنظيم مشترك بين نادي القصة وجمعية أصدقاء مكتبة الإسكندرية، شهد انطلاقة قوية وتكريمًا لعدد من المبدعين: سهير المرشدي، رياض الخولي، وهالة خليل، إلى جانب توزيع جوائز مسابقة كتابة السيناريو التي نظمها المؤتمر، وأكدت أن الجلسات الأربع للمؤتمر، بدءًا بالجلسة التمهيدية التي شارك فيها الدكتور محمد عفيفي والكاتب عبد الحميد كمال، قدمت تحليلات نقدية عميقة حول دور الفن في تشكيل الوعي المصري.
وحرصت على إعلان توصيات المؤتمر، والتى جاءت على النحو التالى:

    •    ضرورة اهتمام الشركة المتحدة وشركات الإنتاج الخاصة بتحويل الروايات المصرية إلى أعمال درامية رفيعة المستوى.
    •    الدعوة لتقديم دراما تُبرز النماذج الإيجابية والملهمة بدلًا من النماذج السلبية السائدة.
    •    إعادة النظر في أفلام ومسلسلات الأكشن لما تحمله من عنف ولغة لا تناسب القيم المجتمعية.
    •    عقد ورش عمل ومسابقات دورية لاكتشاف المواهب الشابة في الكتابة والتمثيل وإتاحة الفرصة لأعمالهم للعرض.
    •    التوصية بتكليف الجامعات بإدراج مقررات لكتابة السيناريو ونقد الأعمال الدرامية ضمن مناهج كليات دار العلوم وأقسام اللغات لإعداد جيل واعٍ ومؤهل نقديًا وفنيًا.

بهذا، قدّم المؤتمر بانوراما شاملة لملامح المرأة والمثقف في الرواية والدراما المصرية، من عزيزة وستيتة وأمينة إلى ذات، كاشفًا تطور الوعي الاجتماعي والأنثوي في الأدب والسينما، ومؤكدًا أن الدراما كانت وما زالت مرآةً صادقة لتحولات الإنسان المصري عبر العقود.

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق