جريمة منظمة عابرة للقارات.. كيف أصبحت لندن مركزًا لسرقة هواتف آيفون؟ - المصدر 7

البوابة العربية للأخبار التقنية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جريمة منظمة عابرة للقارات.. كيف أصبحت لندن مركزًا لسرقة هواتف آيفون؟ - المصدر 7, اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 06:04 مساءً

المصدر 7 - تشهد العاصمة البريطانية لندن موجة غير مسبوقة من سرقات الهواتف، بعدما تحوّلت الظاهرة إلى أزمة أمنية تُعيد رسم خريطة الجريمة في المدينة. ووفقًا لأحدث البيانات، فقد سُرق أكثر من 80 ألف هاتف ذكي في لندن العام الماضي، أي ما يعادل هاتفًا واحدًا كل 6 دقائق، في وتيرة جعلت العاصمة تتصدّر مدن أوروبا من ناحية معدلات سرقة الهواتف.

لكن وراء هذه الأرقام اتجاه أكثر إثارة للقلق؛ فنحو 80% من الهواتف المسروقة كانت من هواتف آيفون، مع أن حصة آبل من مبيعات الهواتف في المملكة المتحدة لا تتجاوز 46%.

ويعكس هذا التحيّز الصريح بحسب الخبراء نشاط شبكات إجرامية منظمة تدرك قيمة الأجهزة في أسواق إعادة البيع العالمية، ويُعرف هذا الأسلوب من السرقات، الذي يقوم على انتزاع الهاتف من يد صاحبه بنحو مفاجئ وسريع، باسم “التقاط التفاحة Apple Picking”. ويبدو أن الاسم لم يأتِ من فراغ، إذ تؤكد عدة شهادات أن اللصوص في لندن يستهدفون هواتف آبل تحديدًا، ويتجاهلون غالبًا أجهزة أندرويد.

أرباح ضخمة تقود “اقتصاد السرقة”

تبيّن التحقيقات أن آيفون أصبح هدفًا مفضلًا بسبب قيمته المرتفعة في السوق السوداء، حيث تُباع بعض الأجهزة في الصين بما يصل إلى 4,000 جنيه إسترليني.

وفي لندن، يحصل السارقون على نحو 300 جنيه فقط عن الهاتف الواحد قبل أن تبدأ رحلة التهريب، مما يكشف عن فجوة ربحية هائلة تدفع هذه العصابات إلى التوسّع في نشاطها.

ومع تضاعف الأرباح، تغيّر المشهد الإجرامي في العاصمة بالكامل؛ فثلثا السرقات في لندن اليوم مرتبطة بالهواتف، كما تغذي هذه العمليات ارتفاع جرائم العنف، إذ تشير تقديرات الشرطة إلى أن نحو 70% من جرائم السلاح الأبيض مرتبطة بالسطو المرتبط بالهواتف.

شبكات تعمل باحتراف عالٍ

لم تعد السرقات تقتصر على خطف الهاتف من اليد، بل باتت تشمل عمليات ترصّد، وسرقة من الجيوب، وخزائن الصالات الرياضية، وحقائب اليد، ودور العبادة، والمتاجر، ووسائل النقل.

وتكشف الشرطة أن بعض العصابات تستخدم “مراقبين” لتحديد الأهداف، قبل تنفيذ عملية السرقة بطريقة مدروسة.

ويلجأ اللصوص إلى حيل تقنية أيضًا؛ منها لفّ الهواتف بورق الألومنيوم لمنع تعقّبها عبر آلية التتبع “Find My iPhone” وتقنيات التتبع الأخرى، مما يدل على وعيهم بأساليب تجاوز الحماية، وتطوّر أدائهم لمجاراة التقنيات الحديثة.

شبكة تهريب عابرة للقارات

يُهرب ما يصل إلى 75% من الهواتف المسروقة إلى خارج بريطانيا، وفق البيانات، وينتهي 28% منها في الصين وهونغ كونغ حيث ترتفع أسعار إعادة البيع.

وتوضح التحقيقات أن إحدى الشبكات كانت تهرّب 40 ألف هاتف سنويًا، ويُعتقد أنها مسؤولة عن تصدير ما يصل إلى 40% من إجمالي الأجهزة المسروقة في لندن.

وعند تفكيك إحدى العصابات، عثرت الشرطة على عشرات الهواتف داخل سيارة واحدة، وأكثر من 2,000 جهاز في مواقع تابعة لها.

وتبرز فجوة واضحة في إنفاذ القوانين على المستوى الدولي؛ إذ إنه مع إمكانية حظر الهواتف عبر رقم IMEI في بريطانيا، فإن العديد من الدول لا تطبق هذه القوائم، مما يسمح باستخدام الأجهزة المسروقة بكامل وظائفها في الخارج.

سباق تسليح بين التقنية والجريمة

استجابت الشركات التقنية بتحديثات أمنية واسعة، ومنها:

  • استثمار آبل مئات الملايين في مزايا مثل Stolen Device Protection و Activation Lock.
  • تفعيل 90% من مستخدمي آيفون خدمة التتبع Find My.
  • تعزيز جوجل حماية أندرويد عبر قدرات مثل كشف السرقة، وتحسين “حماية إعادة الضبط”.

وطوّرت عصابات السرقة أساليب جديدة للالتفاف على الحماية، من أبرزها الهجمات الاحتيالية وسرقة بيانات الدخول من الضحايا، مما يحوّل السرقة من جريمة ميدانية إلى هجوم هجين يجمع بين الجريمة التقليدية والهجمات الرقمية.

تشديد التشريعات ومداهمات واسعة

مع تفاقم الأزمة، أقرّت الحكومة البريطانية مشروع قانون الجريمة والشرطة الذي يمنح السلطات صلاحيات تفتيش المواقع التي يتعقّب فيها هاتفٌ مسروق، وهو تطور يهدف إلى استغلال التقنيات الحديثة لكشف شبكات الجريمة.

وأسفرت الحملات الأمنية عن نتائج ملموسة، منها استرداد أكثر من 2,000 جهاز في عملية واحدة، وضبط 1,000 هاتف إضافي في حملة للشرطة البريطانية، ونشر 1,300 شرطي إضافي في مراكز المدن لمكافحة الظاهرة.

ولكن مع هذه الجهود، يرى سكان لندن أن المشكلة أصبحت جزءًا من “واقع الحياة اليومية”. كما قال أحد الضحايا: “إن الأمر يبدو كأنه طقس اعتيادي. إن كل من يعيش في لندن قد يمرّ باللحظة التي يُسرق فيها هاتفه”.

وتكشف أزمة سرقات هواتف آيفون في لندن عن شبكة جريمة عالمية تتغذّى على فجوات اقتصادية وتقنية وقانونية تمتد عبر القارات. ومع التطور المستمر في مزايا الحماية، يبقى الدافع المالي الضخم أبرز محرك لهذا “الاقتصاد الإجرامي”، في حين يستمر اللصوص بتطوير أساليبهم ما دام السوق العالمي قادرًا على استيعاب الأجهزة المسروقة.

إنها أزمة محلية بصدى عالمي، وتتطلب تنسيقًا دوليًا بين شركات التقنية والسلطات وشركات الاتصالات لوقف هذا المسار الذي حوّل الهواتف الذكية إلى سلعة رئيسية في تجارة الجريمة العابرة للحدود.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق