نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مهرجان رمي الأطفال من الأسطح في الهند: طقس غريب يناقض المنطق - المصدر 7, اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025 03:41 مساءً
المصدر 7 - تُعد الهند واحدة من أغنى دول العالم بالتقاليد والطقوس الدينية الممتدة عبر قرون طويلة. وفي بلدٍ تتعايش فيه آلاف المعتقدات، من الطبيعي أن تنشأ ممارسات غير مألوفة أو حتى صادمة بالنسبة للعالم الخارجي. ومن بين تلك الطقوس التي أثارت جدلاً دولياً واسعاً، يبرز طقس يُعرف باسم مهرجان رمي الأطفال من الأسطح، وهو تقليد قديم تمارسه بعض المجتمعات الريفية في ولايات هندية محددة، خصوصاً في كارناتاكا وماهاراشترا. ورغم المحاولات الحكومية للحد منه، ما يزال يظهر بين حينٍ وآخر، مثيراً موجات من التساؤلات: ما أصل هذا الطقس؟ ولماذا يرضى الأهل بالمشاركة فيه؟ وهل هو فعلاً خطير كما يبدو؟
أصل الطقس وعلاقته بالمعتقدات القديمة
يرجع هذا التقليد إلى قرابة 700 عام، إذ تشير المصادر المحلية إلى أنّ جذوره تعود إلى مزيج من الطقوس الهندوسية والصوفية، حيث اعتقدت بعض القبائل والمجتمعات القديمة أنّ رمي الطفل من ارتفاع عالٍ ثم التقاطه تحت بساط أو قطعة قماش هو وسيلة لجلب الحظ والصحة والبركة للمواليد الجدد.
وكان يُنظر إليه بوصفه اختباراً رمزيًا للحياة؛ فالطفل الذي ينجو من السقوط يُتوقَّع له مستقبل مزدهر، بينما يعتبر السقوط نفسه “إعادة ولادة” تحمي المولود من الأرواح الشريرة أو الأمراض.
مع مرور الزمن، تشكل هذا الطقس كجزء من الاحتفالات الدينية السنوية في بعض المعابد، ومنها معبد Baba Umer Dargah الذي يُعد أحد أشهر المواقع التي ارتبطت به.
كيف تتم عملية رمي الأطفال؟
قد يبدو المشهد من بعيد مرعباً؛ إلا أن الطقس يتم وفق خطوات متكررة اعتادت المجتمعات على تنفيذها منذ قرون. ويشارك أفراد من القرية في عملية الرمي والاستقبال، بينما تتجمع الجموع للاحتفال:
يُحمل الطفل، غالباً في عمر يتراوح بين شهرين و18 شهراً، إلى أعلى سطح مبنى أو برج معبد يصل ارتفاعه إلى نحو 10 إلى 15 مترًا. يقف رجال كبار من رجال الدين أو الشيوخ في الأعلى، بينما تجهّز مجموعة أخرى من الرجال في الأسفل قطعة قماش كبيرة مشدودة بإحكام. يقوم الرجل الذي يحمل الطفل بإلقائه بحركة سريعة إلى الأسفل. يلتقط الرجال في الأسفل الطفل على القماش، ثم يرفعونه عاليًا وسط هتافات الاحتفال. تُعاد الطفل بعد ذلك إلى ذويه الذين يحتفلون باعتبار أنّ العملية جلبت حماية إلهية وصحة للمولود.ورغم أن هذا الطقس يبدو مرعباً، فإن الأهالي يؤكدون أنّهم لم يشهدوا حالات وفاة بسبب مشاركة الرجال المتخصصين في الاستقبال، إلى جانب التدريب الطويل، وبسبب وزن الطفل الخفيف الذي يقلّل من قوة الارتطام.
دور الإيمان الشعبي في استمرار الطقس
حتى اليوم، ما زالت بعض الأسر تؤمن أنّ هذا الطقس هو بركة لا يمكن التخلي عنها. وفي المناطق التي ينتشر فيها الفقر وضعف الخدمات الصحية، يتجذّر الاعتقاد بأنّ الطقوس الروحية قد تكون أكثر فاعلية من المستشفيات في حماية المولود. ويعتبر الأهالي أنّ الطفل الذي لم يشارك في الطقس قد يواجه “سوء الحظ” أو الأمراض.
كذلك، يلعب العامل الاجتماعي دورًا مهمًا؛ فالأسرة التي تشارك في الطقس تشعر أنّها تنتمي إلى المجتمع وتحترم تقاليده، ما يعزز رغبتها في الاستمرار رغم الانتقادات الخارجية.
أثار مهرجان رمي الأطفال موجة من الانتقادات الدولية على مدار العقود الأخيرة، وتحديداً بعد انتشار مقاطع فيديو توثق هذه الممارسة. وتتلخص أسباب الجدل في النقاط الآتية:
1. تعريض حياة الأطفال للخطر
رغم ادعاءات القرويين بأن السقوط آمن، يرى الأطباء أنّ احتمالات الإصابة واردة جدًا، حتى لو لم تُوثّق حالات خطيرة من قبل.
2. صدمة نفسية محتملة
يقول متخصصون في علم نفس الطفل إنّ السقوط المفاجئ من ارتفاع كهذا قد يسبب صدمة نفسية حتى لو لم تظهر آثارها مباشرة.
3. تعارض الطقس مع حقوق الطفل
ترى منظمات حقوق الإنسان أنّ الطقس ينتهك حق الطفل في الأمان، بغض النظر عن المعتقدات المحلية.
4. الانتشار الواسع عبر الإعلام
ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تحويل الطقس من ممارسة محلية غير معروفة إلى قضية عالمية أثارت الغضب والتعجب.
موقف الحكومة الهندية
حاولت السلطات الهندية مراراً حظر هذا الطقس، خاصة بعد الضجة التي أثارتها مقاطع الفيديو في عام 2009.
وأصدرت عدة ولايات قوانين تمنع “الممارسات الخطرة التي تشمل الأطفال”.
لكن، ورغم ذلك، ما زال الطقس يظهر في بعض القرى النائية بسبب:
وبينما تؤكد الحكومة أنّ الطقس محظور قانونيًا، يقول السكان المحليون إن السلطات تغض الطرف طالما تتم العملية “بسلام”.
هل يتعرض الأطفال فعلاً للخطر؟
من المهم الإشارة إلى أنّ أي ممارسة تشمل سقوط طفل تحمل بطبيعتها درجة من الخطورة، حتى لو تمّت وفق إجراءات محكمة.
ويقدّر الأطباء أنّ:
ومع ذلك، تتعامل القرى مع الطقس وكأنه احتفال آمن. ويقول الأهالي إنّ الرجال الذين يستقبلون الأطفال في الأسفل يتدربون جيداً ويشاركون فيه منذ سنوات طويلة.
البحث عن تفسير علمي وراء عدم وقوع إصابات خطيرة
يحاول بعض الباحثين تفسير عدم تسجيل إصابات مؤكدة، ويشيرون إلى عوامل قد تفسر ذلك:
ارتفاع المباني محدود (10 إلى 15 مترًا، وليس من أسطح شاهقة). الطفل خفيف الوزن مما يقلل طاقة السقوط. القماش المشدود يمتص الصدمة ويقلل قوة الارتطام. يتم الإمساك بالطفل بخبرة من قبل عدة رجال وليس شخصًا واحدًا. الطقس لا يتم إلا مرة واحدة سنويًا ومع عدد محدود من الأطفال.لكن رغم ذلك، لا يعتبر العلماء هذا مبرراً لاستمرار ممارسة قد تحمل مخاطر غير محسوبة.
هل يمكن للطقس أن يختفي في المستقبل؟
يرى محللون أنّ الطقس قد يتراجع تدريجياً مع:
ازدياد التعليم تحسن الخدمات الطبية تدخل منظمات حقوق الطفل ازدياد التغطية الإعلامية العالميةومع تغيّر وعي الأجيال، قد تصبح مثل هذه الممارسات جزءاً من الماضي كما اختفت طقوس قديمة مشابهة.













0 تعليق