في عالم المجوهرات تحظى الأحجار الكريمة بمكانةٍ لا تضاهى، ولكن بين هذه الكنوز يقف حجرٌ استثنائيٌّ، يُعرَف بأنه الأغلى من نوعه  وتم بيعه في مزادٍ عالميٍّ بمبلغٍ بلغ حوالي 71.2 مليون دولار أميركي. 
هذا الحجرُ هو النُقطةُ التي نجعلُ منها محطّ انطلاقِ المقال، أغلى حجرٍ كريمٍ في العالم من حيثُ القيمةِ، والندرةِ، والرمزيةِ، والعِبَرِ التي يحملها.

عندما نتحدّثُ عن «أغلى حجرٍ كريمٍ»، نعني ذلك بمعاييرٍ وصفاتٍ محدّدةٍ: النّقاءُ «Flawless» أو قريبٌ منه، اللونُ النادرُ «Fancy Vivid» مثلاً للماس الوردي، الوزنُ بالقياسِ «كارَات»، المنشأُ، السبقُ التاريخيُّ في التصنيفِ أو العرضِ، والطلبُ المتوقّعُ في السوق.
في حالة «The Pink Star»، يُعدُّ وزنُهُ نحو 59.60 كارَاتٍ، واللونُ «Fancy Vivid Pink Internally Flawless»، وهو معيارٌ يُعدّ من أندرٍ ما يمكن أن يوجد في عالم الأحجار الكريمة. 
باعَ هذا الحجرُ في أبريل 2017 في هونغ كونغ بمبلغٍ قياسيٍّ بلغ حوالي 71.2 مليون دولار، ما جعله يُسجّل أعلى قيمة معروفة لحجرٍ كريمٍ في المزاد إلى ذلك الحين. 
وبالرغم من أنّ بعض الأحجار تُقيّمُ قيمتهاُ باعتبارِها «لا تُقدَّرُ بثمنٍ» لدى بعض المصادر، إلّا أنّ هذا الحجرْ تحديداً شكّلَ معياراً مادياً موثقاً يمكنُ الرجوعُ إليه.

ما الذي يجعلُ هذا الحجرَ أثمنَ من الذهبِ أو اللوحاتِ الفنية؟

هناك عدّةُ عواملَ تضافَرَت لجعلِ «The Pink Star» حالةً استثنائيّةً:

الندرةُ الشديدةُ: اللونُ الورديّ النقيّ في الألماس هو أحد أندر الأنواعِ اللونيةِ. تَغلُبُ فيه عواملُ جيولوجيةٌ نادرةٌ جدًا عن تكوينِه.  النقاءُ والتشطيبُ: التصنيفُ «Internally Flawless» يشيرُ إلى أنّ الحجرَ بلا شوائبٍ داخليةٍ تقريباً، ما يزيدُ قيمتَه بشكلٍ كبيرٍ. التاريخُ والمزادُ الدوليُّ: لعبةُ التنافسِ بين المزايدينِ في المزادِ ارتفعتْ إلى مستوياتٍ استثنائيّةٍ، ما رفعَ القيمةَ إلى ما فوقَ مجردِ سعرٍ خامٍ. الوضعُ الاستثماريُّ والرمزيّ: الأحجارُ النادرةُ كالألماس الوردي تُعاملُ اليوم كأصولٍ استثماريّةٍ أو مقتنياتٍ فاخرةٍ، وليسَ فقط كمجوهراتٍ للزينةِ.

مصطلحُ «لا يُقدَّرُ بثمنٍ» قد يُستخدمُ على نحوٍ إعلاميٍّ أو رمزيٍّ أكثرَ منه فنّيٍّ صارمٍ. فالأسواقُ والمزاداتُ تمثّلُ أقدرَ وسيلةٍ لقياسِ القيمةِ، وإن كان هناك دائمًا فائضٌ من القيمةِ الرمزيّةِ التي تتجاوزُ السعرَ المرئيّ.
في قائمةِ الأحجارِ الأعلىَ سعراً، نرى أمثلةً مثلَ: Oppenheimer Blue (ماسيٌ أزرقٌ بيعَ بـ50.6 مليون دولار عامَ 2016) أو Sunrise Ruby (ياقوتةٌ من ميانمارَ بيعت بـ30.4 مليون دولار) 
لكنّ حتى هذه الأحجارَ التي تحملُ أرقاماً ضخمةً تُقايَضُ وتُدرَجُ ضمنَ قوائمَ تُحدَّدُ قيمتهاُ، وليستْ «مستحيلة التثمينِ» بالمطلقِ.

أوليّةُ الجودةِ والندرةِ: إنّ القيمةَ ليستَ في الكارَاتِ وحدَها، بل في تركيبةٍ من اللونِ والندرةِ والتاريخِ. القيمةُ ليستَ فقط للجمالِ: كثيرٌ من الأحجارِ تُحتفظُ بقيمتها كأصولٍ استثماريّةٍ أو كنوزٍ تراثيّةٍ، وليسَ فقط كمجوهراتٍ تُلبَسُ وتُعرضُ. قوى العرضِ والطلبِ: المزاداتُ العالميةُ تُظهرُ أنّ الشغفَ الجمعيّ بالأندرِ يدفعُ الأسعارَ إلى ما يفوقُ التكلفةَ المنتظَرةَ. لا شيءُ يدومُ للأبدِ: بالرغم من القيمةِ، فإنّ الأصولَ الماديّةَ حتى الأحجارُ «الغاليةُ جداً» لها مخاطَرُها وتقلّ قيمتهاُ إذا تغيّرتِ المعاييرُ أو اكتُشفتِ بدائلُ أو تحوّلَتْ الاتجاهاتُ الاقتصاديةُ.

في حينِ أن «The Pink Star» يحتفظُ بلقبِ أحدِ أغلى الأحجارِ المباعة، يبقى السؤالُ: هل ما زالت الأرضُ تخبّئُ حجرًا يفوقُه؟ مع تقدّمِ تكنولوجيا التعدينِ واكتشافِ مواقعٍ جديدةٍ، ومع حضورِ السوقِ كعنصرٍ منظِّمٍ، قد يرى العالمُ قريبًا حجرًا آخرَ «يفوقُ التثمينَ».
لكنّ الأهمّ: أنّ القيمةَ الفائقةَ لا تأتي بلا مبررٍ فالحِجرُ الذي يُدشّنُ عنوانَ «الأغلى» قد يكونُ عنوانًا أيضاً لفهمٍ أعمقَ للندرةِ والأصالةِ والطلبِ البشريِّ على ما هو استثنائيٌّ.

حين نتأمّلُ في هذا الحجرِ النادرِ «The Pink Star» لا نرى فقط قطعةَ مجوهراتٍ براقَةً، بل نرى عقداً غيرَ موقَّعٍ بين الطبيعةِ والإنسانِ: nature & human ambition. إنه تذكيرٌ بأنّ ما عبرَ ملايينِ السنينِ تحتَ الأرضِ قد يظهرَ للحظةٍ واحدةٍ ويُباعُ بسعرٍ يفوقُ ما تظنّ، فما بالُنا بالعواطفِ والطموحاتِ المرتبطةِ به.
ربّما لا يُمكنُنا القولُ إنّه «لا يُقدَّرُ بثمنٍ» بالمطلقِ، لكنّه بالتأكيدٌ يُقدَّرُ بأعلىِ ما قد يبلُغُهُ حجرٌ كريمٌ في هذا العصرِ رمزٌ للجمالِ، والندرةِ، وقيمةٍ لا تُمحى بسهولةٍ.