نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من فقاعات الرّيزين إلى جدار الألوان... إيلي جورج لـ"النهار": كل شيء بدأ بشغف (فيديو) - المصدر 7, اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 10:08 مساءً
المصدر 7 - كانت المسافة قصيرة، لكنها محمّلة بالمشاعر والرمزيات.
الوصول إلى جمالية المشهد في بهو فندق "لو غراي" لم يكن مجرّد خطوة في شارع بوسط بيروت، بل رحلة نحو قلب المدينة وروحها. فمبنى جريدة "النهار" و"لو غراي" كلاهما شاهدان على ما مرّت به بيروت من نكسات ونهوض، وعلى قدرتها الدائمة على إعادة اختراع ذاتها. وعودة الحياة إلى هذا الفندق لا تعني استعادة الشكل الخارجي فحسب، بل هي عودة رمزية أعمق، تتجسّد في التفاصيل، في الضوء، وفي الحلم الذي يتسلّل إلى الجدران.
من اللحظة الأولى لدخولك بهو الفندق، تحاصرك المشهدية الضوئية وكأنها دعوة إلى الغوص في متاهة جميلة. إضاءة تجعل الزائر يحلم، يتأمّل، ويعيد قراءة المدينة بنظرة مختلفة. وفي الجهة المقابلة لمشهدية الضوء، يمتدّ حائط ملوّن يُشبه بيروت نفسها: بتناقضاتها، بحياتها وفوضاها، بليلها وأمسياتها التي لا تنطفئ.
هنا يطلّ إيلي جورج، المصمم الداخلي وفنان الإضاءة، ليروي لـ"النهار" رحلته في صناعة هذه التجربة الفنية التي مزجت بين الهندسة والشعور، بين الضوء كعنصر تقني والرمز كلغة جمالية.
يقول: "الفكرة لم تكن تزيين المكان، بل إحياءه. الإضاءة هنا ليست عنصراً تجميلياً، بل وسيلة لإعادة تعريف الفضاء. أردنا أن يعيش الزائر تجربة حسية متكاملة، وأن يشعر بأن الضوء ينبض بالحياة كما تنبض بيروت نفسها".
"كل شيء بدأ بشغف"، يقول إيلي وهو يدير عينيه نحو الإضاءة المعلّقة التي تلمع برفق.
الهيكل المعماري حمل توقيع مصمم الديكور جلال محمود، فيما تولّت شركة متخصّصة تصميم الإضاءة، وشارك إيلي في جميع مراحل المشروع: من اختيار المواد وتصنيع القطع، إلى تنسيق الألوان والتصميم النهائي، بالتعاون مع الاستشاريين والمهندسين.
ويضيف: "كانت مهمّتي أن أكون جزءاً من كل خطوة، من تطوير الفكرة إلى التنفيذ، لضمان أن النتيجة ترضي الجميع، بمن في ذلك مالك الفندق الذي واجه تحدّياً كبيراً بإعادة افتتاحه برغم كل الظروف".
بدأت الفكرة، كما يروي جورج، بنموذج أوّلي صغير لتجربة المواد المختلفة: "جرّبنا الزجاج والفلكس، لكننا استقررنا على الريزين لإضفاء ذلك الوهج الفريد. كل فقّاعة وكل قطعة مضيئة كانت مدروسة بعناية لتوزيع الضوء بطريقة تجعل البهو كله كأنه بركان يغلي".
مشهدية فقاعات الضوء بتوقيع إيلي جورج (النهار)
ويشير إلى تركيب 286 قطعة موزّعة على قسمين رئيسيين لتغمر الإضاءة كل المساحة بتناغم بصري تام. ويشرح: "الأمر لم يكن سهلاً. أجرينا عشرات التجارب ودققنا في كل التفاصيل، من الكابلات إلى طريقة التعليق، لضمان الأمان والجمال معاً".
ويتابع: "عملية التركيب كانت دقيقة للغاية، إذ تطلّبت جهداً كبيراً من فريق الكهرباء الذي عمل على ارتفاع 14 متراً لتثبيت القطع المعلّقة. كل مرحلة كانت تحدّياً بحدّ ذاتها... أعترف بأنها كانت مجازفة".
لم تكن مشهدية الضوء والهندسة وحدهما محور التجربة. ففي الجهة المقابلة لتلك اللوحة الضوئية، جدار ملوّن شكّل تحدّياً آخر.
يقول إيلي: "تطلّب المشروع استيراد الألواح وتنفيذها خطوة بخطوة، باثني عشر نموذجاً مختلفاً من الأكريليك وخمسة ألوان، مع دراسة هندسية دقيقة لكيفية تثبيت الألواح بين السقف والأرض بطريقة لا تُظهر أي دعامات أو وصلات معدنية".
جدار الألوان بتوقيع إيلي جورج (النهار)
ويضيف: "النتيجة ليست مجرد إضاءة أو ديكور، بل تجربة حسية كاملة، مزيج من الفن، الصناعة، والضغط الإبداعي، ليعكس بيروت كما هي: مفعمة بالحياة والألوان".
يؤكد جورج أنّ جزءاً كبيراً من نجاح المشروع يعود إلى الحرفيين اللبنانيين: "أؤمن بالحرفية المحلية، وأعمل أحياناً مع مؤسسات كبيرة وأحياناً مع ورش صغيرة. هؤلاء الحرفيون هم روح الابتكار، وبدون دعمهم ستندثر مهاراتهم".
ويتابع: "لطالما حلمت بإنشاء محترف كبير يجمع الحرفيين الشباب، لأنّ الجيل الجديد بات يميل إلى الجاهز والسريع. أما نحن، فاخترنا أن نظهر للعالم العربي والأوروبي أنّ هذا العمل مصنوع بالكامل في لبنان، بفخر. المواد الخام فقط مستوردة، أما التصميم والتنفيذ فمحليّان مئة في المئة".
ويختم قائلاً: "هذه المشهدية هي رسالة أمل. نريد أن نعيش في لبنان، وأن نترك إرثاً لأولادنا وأحفادنا. نحن قادرون على تنفيذ أجمل الفنادق والمشاريع على مستوى عالمي، بروح لبنانية أصيلة. أؤمن بالصناعة اللبنانية وقدرتها على المنافسة عالمياً، لكننا بحاجة إلى السلام والثقة لنستمر".










0 تعليق