نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل تعلم أن القهوة تختلف في طعمها حسب الدولة؟ - المصدر 7, اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 03:33 مساءً
المصدر 7 - تُعَدّ القهوة أكثر من مجرد مشروب صباحي؛ فهي ثقافة عالمية تعبّر عن الهوية والذوق والإرث الزراعي لكل دولة. وعلى الرغم من أنّها تُحضَّر من الحبوب نفسها تقريبًا، فإنّ طعمها يختلف باختلاف بلد المنشأ وطريقة التحميص والتحضير. فبين حلاوة القهوة البرازيلية وعبق القهوة اليمنية ونضارة القهوة الإثيوبية، نجد لوحة عالمية من النكهات لا تشبه بعضها.
هذا الاختلاف المدهش لا يعود إلى الصدفة، بل هو نتاج مباشر لتنوّع المناخات والترب وطرق الزراعة والتخمير، ما يجعل كل فنجان قهوة يحمل بصمة بلده الأصلي.
تنوّع نكهات القهوة
تتكوّن نكهة القهوة من مجموعة عناصر دقيقة تبدأ من التربة التي تنمو فيها شجرة البن، وتمرّ بعمليات القطف والتجفيف والتحميص، وتنتهي عند طريقة التحضير. وتؤثّر العوامل البيئية مثل درجة الحرارة وارتفاع المزارع عن سطح البحر ونسبة الرطوبة على محتوى الحبوب من الأحماض والزيوت الطيّارة، وهي المكوّنات التي تصنع الطعم والرائحة.
فالقهوة المزروعة في المرتفعات العالية – مثل إثيوبيا وكولومبيا – تمتاز بحموضةٍ لطيفة ونكهاتٍ فاكهيةٍ واضحة، بينما تمنح الأراضي المنخفضة مثل البرازيل تكون حبوبًا ذات مذاق شوكولاتي ودسمٍ ناعم. وهكذا تتجلّى الطبيعة في كل رشفة.
القهوة الإثيوبية: نكهة الأصالة الأولى
تُعَدّ إثيوبيا مهد القهوة الأصلي، إذ يُروى أنّ أحد الرعاة اكتشف تأثيرها المنشّط قبل قرون. وما زالت القهوة الإثيوبية حتى اليوم من أكثر الأنواع تميّزًا في العالم.
تتميّز هذه القهوة بملامحها الزهرية والفاكهية، وغالبًا ما تحمل نكهات التوت البري والليمون والورد. وتُزرع في مناطق مرتفعة مثل "سيدامو" و"يرغاشيف"، حيث تساهم التربة البركانية الغنيّة والمعالجة التقليدية في إنتاج حبوبٍ ذات توازنٍ رائعٍ بين الحموضة والحلاوة.
القهوة الإثيوبية ليست مجرد مشروب، بل هي طقس اجتماعي متجذّر في الثقافة المحلية، يُحضَّر ويُقدَّم في احتفالٍ رمزيٍّ يعبّر عن الكرم والاحترام.
القهوة البرازيلية: سلاسة المذاق وغنى الإنتاج
تُعَدّ البرازيل أكبر مُنتِجٍ للقهوة في العالم، وهي مسؤولة عن قرابة ثلث الإنتاج العالمي. وتتميّز قهوتها بطعمٍ متوازنٍ وسلس يميل إلى الشوكولاتة والمكسّرات.
ويرجع ذلك إلى طبيعة المناخ الاستوائي وخصوبة التربة، بالإضافة إلى اعتماد المزارعين على طرق المعالجة الجافة التي تُبقي السكر الطبيعي داخل الحبوب، ما يمنحها نكهةً حلوةً دافئة.
القهوة البرازيلية هي الخيار المثالي لعشّاق القهوة الكلاسيكية الذين يفضّلون الطعم المتجانس الخالي من الحموضة الزائدة. وتُستخدم حبوبها على نطاقٍ واسع في خلطات الإسبريسو التجارية حول العالم.
القهوة الكولومبية: توازن الطبيعة ودقّة الزراعة
يصف الخبراء القهوة الكولومبية بأنها "الكمال المتوازن"، إذ تجمع بين النعومة، والحموضة المعتدلة، والطعم الفاكهي الخفيف. تنمو حبوب البن هناك في سفوح جبال الأنديز، حيث تتنوّع الارتفاعات وتتعاقب المواسم المثالية لزراعة البن على مدار السنة.
وتُعدّ كولومبيا من الدول القليلة التي تعتمد على القطف اليدوي لكل حبة ناضجة، مما يضمن جودةً استثنائية. وتمنح هذه العناية الدقيقة القهوة طابعًا نظيفًا وأنيقًا يجعلها من أكثر الأنواع طلبًا في الأسواق الراقية.
القهوة اليمنية: عبق التاريخ وروح الجبال
لا يمكن الحديث عن نكهات القهوة دون التوقّف عند اليمن، مهد التجارة العالمية للبن منذ القرن الخامس عشر. تُزرع القهوة اليمنية في جبالٍ عاليةٍ جافة، ما يجعل إنتاجها محدودًا لكنه شديد التميّز.
تمتاز بنكهةٍ قويةٍ ومعقّدة تجمع بين التوابل والعسل والدخان، وتُعرف عالميًّا باسم "موكا" (Mocha)، نسبةً إلى ميناء المخا الشهير الذي صدّر القهوة اليمنية إلى العالم لقرون.
وتبقى القهوة اليمنية رمزًا للأصالة، إذ ما زال المزارعون يعتمدون على الأساليب التقليدية القديمة في الزراعة والتجفيف.
القهوة التركية: فنّ التحضير وطقوس الضيافة
قد لا تُزرع القهوة في تركيا، لكنّ فنّ تحضيرها جعلها مدرسةً قائمة بذاتها. تُطحن الحبوب طحنًا ناعمًا جدًّا، ثم تُغلى ببطء مع السكر والماء في إناءٍ نحاسيٍّ صغير يُسمّى "الركوة".
وتُقدَّم القهوة التركية في فناجين صغيرة دون تصفية، فتبدو كثيفة وغنيّة بالرغوة. ويُقال إنّ قراءة الفنجان بعد شربها أصبحت جزءًا من التراث الثقافي والاجتماعي الذي يجمع بين الطرافة والرمزية.
مناخ الأرض في فنجان: لماذا نحب القهوة المختلفة؟
يكمن جمال القهوة في تنوّعها اللامحدود، إذ يعكس كل نوع منها ملامح الأرض التي أنبتته. فالقهوة ليست مجرّد مشروب كافيين، بل تجربة حسّية وثقافية. فحين تتذوّق قهوة إثيوبية فاكهية، تشعر وكأنّك تسير بين أزهار الهضاب، بينما تأخذك القهوة اليمنية إلى عبق التاريخ ودفء الجبال.
كما أنّ هذا التنوع يدفع المستهلكين اليوم إلى استكشاف أنواعٍ جديدة من القهوة المختصّة (Specialty Coffee)، ما يفتح مجالاتٍ أوسع للابتكار في التحميص والتخمير والتذوّق.















0 تعليق