إيطاليا وعقدة المونديال… الإصلاح أو ذكرى من المجد القديم؟ - المصدر 7

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إيطاليا وعقدة المونديال… الإصلاح أو ذكرى من المجد القديم؟ - المصدر 7, اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 05:21 مساءً

المصدر 7 - منذ صعوده إلى قمة كرة القدم العالمية عام 2006، عاش المنتخب الإيطالي تحوّلاً صعبًا؛ فبعدما كان رمزاً للقوة التكتيكية والدفاعية، بات اليوم يواجه هشاشة في الهوية، وضغوطاً متزايدة من كل الاتجاهات، وسط مخاوف من أن يكون المشروع الإيطالي كروياً على مفترق طرق بين إصلاح جذري، أو الانحسار إلى مجرد ذكرى من المجد القديم.

لم يكن غياب "آزوري" عن نهائيات كأس العالم حادثاً عابراً، فبعدما خرجت من تصفيات 2018 أمام السويد، ومن 2022 أمام مقدونيا الشمالية، يبدو أنها مرشحة الآن لمواجهة الملحق للمرة الثالثة توالياً في سباق التأهل لمونديال 2026. وهذا التسلسل يعمّق شعور الجماهير والإعلام بأن الأزمات ليست فنية فقط، بل هي أزمة منظومة.

لم يخفِ المدرب جينارو غاتوزو استياءه من نظام التصفيات الأوروبي، فوصفه بأنه "غير منصف"، مقارنة بقارات أخرى مثل أميركا الجنوبية، قائلاً "في عصرنا، كان أفضل وصيف يتأهل مباشرة. الآن القواعد تغيرت". هذا الموقف يكشف حجم التوتر بين الأكاديميين والمدربين وبين من يطالبون بإعادة كتابة قواعد اللعبة في أوروبا.

التغيّر العالمي
تبدّلت كرة القدم عما كانت عليه قبل عقدين، فإزاء توسّع كأس العالم إلى 48 منتخباً، لم يخفّف الضيق على إيطاليا، التي ترى أن الأبواب المونديالية أصبحت معقدة رغم التراث الكبير. ويشير غاتوزو إلى أن التغيير في توزيع المقاعد لصالح قارات مثل أفريقيا وآسيا يجعل المنافسة الأوروبية أكثر قسوة، ويضغط على المنتخبات التقليدية.

من جهة فنية، تعاني إيطاليا من ضعف في الدفاع. وفق تصريحات غاتوزو، الفريق أصبح "هشّاً جداً"، ويضيف "أسلوب الدفاع بثلاثة لاعبين لا يمنحه المرونة المطلوبة، لكنه يعتمد عليه نظراً للإمكانيات المتاحة".

غلبت على فلسفة غاتوزو فكرة "العائلة" داخل المنتخب، إذ يرى أن الأصالة والحمض الكروي الإيطالي يجب أن يعادا من خلال تلاحم اللاعبين وإعادة بناء الانتماء الوطني: "هذا ما نحتاج إليه… أن نكون عائلة أكثر من مجرد مجموعة من اللاعبين" كما قال في بداية مهمته.

 

إصلاحات هيكلية

لكن هذه الرؤية ليست خالية من الانتقاد؛ بعض الصحافيين والمراقبين يشيرون إلى أنها قد تكون ملهمة، لكنها غير كافية من دون إصلاحات هيكلية في البناء الكروي: الأكاديميات، الدوري المحلي، وتنمية المواهب.

ينظر الإعلام الإيطالي إلى الأزمة بأبعاد متعددة، بعض التحليلات من وسائل محلية تسلط الضوء على عمق الاستياء من نظام التصفيات، وهناك من يقول إن إيطاليا لم تفقد فقط قدرتها، بل هويتها الكروية: الفوز لم يعد يُقاس بعدد النقاط فحسب، بل بقدرتهم على المنافسة في أنظمة جديدة ومعقدة.

أما في الصحافة الرياضية، فيطالب مراقبون بإعادة بناء الجيل الشاب من الأساس. لا رهان على المعجزات فقط، بل على استراتيجية متكاملة تشمل تطوير المواهب في الدرجة الأولى، الأكاديميات، واختيار المدربين الذين يفهمون روح الكرة الإيطالية وتحديات اليوم.

ولا يمكن تجاهل الأبعاد السياسية التي دخلت المشهد، كما عبّر عنها غاتوزو في مناسبات عدة. تصريحاته حول معاناة المدنيين في غزة قبل لقاء إسرائيل كان لها صدى كبير في الإعلام الإيطالي والدولي.

 

هناك من يقول إن إيطاليا لم تفقد فقط قدرتها، بل هويتها الكروية. (وكالات)

 

هذا الربط بين الرياضة والسياسة يزيد من الضغط على المنتخب والمدرب: ليس فقط للتأهل، بل ليكون رسالة وطنية، وهو ما يثقل المهمة ويحوّل المدرب إلى قائد سياسي أيضاً.

ماذا لو غابت إيطاليا عن المونديال للمرة الثالثة توالياً؟
سيكون ذلك أكثر من مجرد إخفاق رياضي؛ سيكون ضربة لهوية كرة القدم الإيطالية نفسها. فمنتخب امتد مجده لعقود سيجد نفسه خارج أكبر حدث كروي، في حقبة تتسارع فيها التطورات الفنية والبدنية بشكل غير مسبوق. سيعني الغياب الثالث خسائر مالية وفنية ونفسية كبيرة، وسيفتح باب النقد على مصراعيه حول منظومة تطوير المواهب، والدوري المحلي، والخيارات التكتيكية القديمة التي لم تعد تستجيب لزمن السرعة والضغط العالي.

ويحذر الإعلام الإيطالي من أن تكرار الفشل سيحوّل "آزوري" من قوة تقليدية إلى منتخب متوسط يبحث عن ذاته. لذلك، تبدو إيطاليا اليوم أمام مفترق طرق حقيقي: إما إصلاح جذري يعيدها إلى مكانتها، أو خطر أن تصبح مجرد ذكرى من المجد القديم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق