نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وفرة بلا انخفاض.. لماذا لا تنخفض أسعار الأسمنت رغم طفرة الإنتاج؟ - المصدر 7, اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 03:31 مساءً
المصدر 7 - رغم الزيادة الكبيرة في إنتاج الأسمنت في السوق المصري خلال عام 2025، والتي قدرت بنحو 20% بفضل إعادة تشغيل خطوط إنتاج متوقفة، إلا أن أسعار الأسمنت لم تشهد انخفاضًا متوقعًا. بل شهدت السوق استقرارًا نسبيًا في الأسعار، مع تسجيل زيادات تدريجية على مدار العام، وهو ما يطرح تساؤلات جوهرية حول العلاقة بين العرض، التكاليف، والسياسات التسويقية.
ووفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، بلغ إنتاج الأسمنت في مصر 25.39 مليون طن خلال الفترة من يناير حتى يوليو 2025، مقابل 23.3 مليون طن في نفس الفترة من عام 2024، بنسبة نمو رسمية بلغت 9%، وفعليا تصل إلى 20% بعد تشغيل 9 خطوط إنتاج كانت متوقفة.
أسعار مستقرة رغم النمو
على الرغم من الزيادة الواضحة في الإنتاج، بلغ متوسط سعر طن الأسمنت البورتلاندي العادي في الربع الثاني من 2025 حوالي 3670 جنيهًا، بزيادة قدرها 18% مقارنة بالربع الأول.
وفي أكتوبر، تراوحت الأسعار بين 3820 و4057 جنيهًا للطن، دون أن تظهر أي بوادر لانخفاض كبير.
هذا الثبات في الأسعار يكشف عن وجود عوامل ضغط داخلية وخارجية تؤثر على التكاليف النهائية للمنتج، وتمنع انعكاس الوفرة على مستوى الأسعار للمستهلك النهائي.


تكاليف الإنتاج المرتفعة تقف خلف الأسعار الثابتة
تعد الزيادة في أسعار الطاقة والوقود من أبرز العوامل التي أثّرت على تكاليف الإنتاج.
وفقًا للتقارير، تمثل الطاقة ما بين 50% إلى 65% من تكلفة إنتاج طن الأسمنت، وقد شهد عام 2025 ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الكهرباء والوقود بنسبة تصل إلى 40%.
كما ساهم التضخم العالمي في رفع أسعار مدخلات الإنتاج المستوردة، مثل الفحم والمواد الخام، ما أدى إلى حفاظ المنتجين على هامش ربح مناسب بدلاً من خفض الأسعار، خاصة مع تقلبات السوق العالمية.
وتبعًا لهذه الضغوط، ارتفع هامش الربح المجمل لشركات الأسمنت إلى 37% في الربع الثاني، وهو ما يُظهر تمسك الشركات بالسعر للحفاظ على هوامشها الربحية رغم الوفرة الإنتاجية.
التصدير يُعيد توجيه الفائض خارج السوق المحلي
لم تكن السوق المحلية وحدها المتأثرة بالإنتاج، بل أن التوسع في التصدير لعب دورًا مهمًا في استنزاف جزء كبير من الزيادة الإنتاجية، حيث سجلت صادرات الأسمنت المصري 780 مليون دولار خلال أول 10 أشهر من عام 2024، مع توقعات بأن تصل الكميات المُصدّرة إلى 15 مليون طن في 2025، موزعة على أكثر من 95 دولة، خاصة في أفريقيا وأوروبا.
التوجه التصديري هذا، ورغم فوائده الاقتصادية، ساهم في استمرار الضغط على السوق المحلي من حيث المعروض، ما حافظ على توازن هش بين العرض والطلب وأبقى الأسعار مرتفعة.
وفي مايو 2025، ذكرت تقارير أن تعليق قرار خفض الإنتاج جاء نتيجة زيادة الطلب من السوق التصديرية، وهو ما أبقى الأسعار عند مستويات مرتفعة وصلت أحيانًا إلى 500 جنيه زيادة في سعر الطن.
الطلب الموسمي وتقلباته تزيد من تعقيد المشهد
بالإضافة إلى العوامل الإنتاجية والتصديرية، تأثر سوق الأسمنت في مصر أيضًا بـالطلب الموسمي المتقلب. ففي أشهر مثل مايو وسبتمبر، شهد السوق زيادة في الطلب بنسبة 16.5% نتيجة لمشروعات البناء الحكومية وتوقيتات الإجازات، ما أدى إلى ارتفاعات في الأسعار وصلت إلى 300 جنيه للطن.
لكن في أكتوبر 2025، انخفض الطلب بنسبة 4% ليصل إلى 45 مليون طن سنويًا، مما أدى إلى حالة من الاستقرار النسبي في الأسعار، رغم أنها لا تزال مرتفعة مقارنة بالعام السابق.
وأكد أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء، أن الفائض في المعروض منع قفزات سعرية جديدة، لكن الأسعار ما زالت تعكس توازناً هشًا بين العرض والطلب.
محاولات حكومية لكبح جماح الأسعار
في ظل هذه التحديات، تدخلت الحكومة بعدة إجراءات في محاولة لضبط الأسعار، حيث أعلن الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء، في سبتمبر 2025 عن إعادة تشغيل خطوط إنتاج إضافية، بالإضافة إلى تجميد مؤقت للتصدير.
وقد ساهم هذا التوجه في خفض الأسعار بنسبة وصلت إلى 20% مؤقتًا، لكن ذلك لم يكن كافيًا للحد من موجات الارتفاع الناتجة عن التكاليف والطلب والتصدير.
كما شدد جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية على مراقبة تسعير الأسمنت والتأكد من وجود شفافية ومنع التلاعب، خاصة بعد الشكاوى التي ظهرت في مارس الماضي، إثر إغلاق 9 خطوط إنتاج بشكل مفاجئ.
تداعيات اقتصادية على المستهلك وقطاع التشييد
استمرار الأسعار المرتفعة يترك أثرًا واضحًا على قطاع التشييد والبناء، والذي يشغل ملايين العمال في مصر. إذ تُقدّر الزيادة في تكاليف المشروعات الإنشائية بنحو 10-15% نتيجة لارتفاع أسعار الأسمنت.
كما يؤدي هذا الوضع إلى زيادة أسعار العقارات رغم قوة الجنيه النسبي، ويهدد في الوقت ذاته استقرار عدد من المصانع الصغيرة والمتعثرة، التي تجد صعوبة في المنافسة أو الاستمرار.
الحل الجذري: تخفيض التكاليف وتنظيم التصدير
رغم التدخلات الحكومية وبعض التراجعات المؤقتة في الأسعار، يرى الخبراء أن الحل الحقيقي لأزمة أسعار الأسمنت يكمن في:
تخفيض تكاليف الطاقة والإنتاج.
إعادة تنظيم سياسات التصدير لضمان عدم الإضرار بالسوق المحلي.
مراقبة الأسعار والهوامش الربحية بفعالية لضمان التوازن.
ومع اقتراب نهاية عام 2025، يتوقع المحللون أن يشهد السوق حالة من الاستقرار التدريجي إذا استمرت الجهود الحكومية، بما يدعم نموًا اقتصاديًا يتراوح بين 4% إلى 5%.


















0 تعليق