نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سوق الخضار.. غياب التوازن بين رعاية المنتج المحلي وحماية المستهلك - المصدر 7, اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 12:56 مساءً
عمر محارمة *
يتجه أبو سامر من بيته في الأغوار وهو يحمل تعب موسمٍ كامل. الأرض التي ورثها عن أبيه لا تخونه، لكنها لم تعد تكفي لدفع كلفة الماء والبذور والعمال. وحين يسلم محصوله إلى التاجر، يعرف أن الربح لن يصل إليه، بل إلى سلسلة طويلة من الوسطاء تنتهي عند المستهلك الذي سيدفع السعر مضاعفاً.
في عمّان، تتحدث أم خالد بنبرة شكوى وهي تملأ كيس الخضار من أحد الأسواق، وتقول إن المائدة البسيطة المكوّنة من الخضار باتت تحتاج إلى حسابٍ دقيق قبل أن تُحضّر، وما بين حقل أبو سامر في الأغوار وسوق أم خالد في العاصمة، تمر الخضار في رحلة طويلة، تضيع فيها العدالة بين من يزرع فلا يدخل جيبه ما يسد الرمق ومن يشتري فلا يبقى بجيبه ما يكفي لبقية التزاماته.
وزارة الزراعة تؤكد باستمرار أنها تحمي المزارع والمنتج المحلي، وهو كلام يبدو منطقياً في بلدٍ يعاني شحاً في المياه وارتفاعاً في كلفة الانتاج الزراعي، لكن المشكلة ليست في النوايا، بل في النتائج، فحماية المزارع لا ينبغي أن تكون على حساب المستهلك، ولا أن تتحول إلى حجة تُغلق بها أبواب الاستيراد في وجه المنافسة، والأمن الغذائي لا يعني وجود مخزون كافٍ من كل أصناف الطعام، بل أن يكون الطعام متاحاً بسعرٍ يستطيع الناس دفعه.
هنا يرى وزير الزراعة الأسبق المهندس سعيد المصري أن المشكلة الحقيقية ليست في الأسعار بحد ذاتها، بل في غياب الحوكمة الإنتاجية والمؤسسية التي تنظم العلاقة بين المزارع والسوق والمستهلك.
ويعتبر أن إصلاح القطاع يبدأ من اتحادات محصولية متخصصة ترتبط بهيئة مركزية تُعدّ خطط الإنتاج الموسمية بالتنسيق مع وزارة الزراعة وغرفة الزراعة المقترحة، وهو ما يحقق التوازن بين الإنتاج المحلي والاستهلاك الداخلي والتصدير الخارجي، ويغلق فجوات العرض والطلب التي تسبب التقلّبات السعرية.
الخضار الأردنية في مرآة الجوار
حين ننظر إلى أسعار الخضار في الأردن ونقارنها بدول الجوار، سنجد أن الأردني يدفع أكثر في أغلب الأحيان. الفارق لا يبدو بسيطاً، بل يصل أحياناً إلى ثلاثة أضعاف، رغم أن جودة المنتجات متقاربة، بل إن بعضها من إنتاج الأردن وتُباع في أسواق عربية بأقل من أسعارها محلياً.
حكايات من السوق
قصة الثوم في الأردن مثال صارخ على تشابك المصالح وضعف الرقابة. ففي الوقت الذي يُباع فيه الكيلو بخمسة دنانير في الأسواق المحلية، لا يتجاوز ثمنه في مصر أو سوريا سبعين قرشاً، وفي السعودية ولبنان قرابة الدينارين. الوزارة تقول إن الإنتاج المحلي كافٍ، لكن الواقع يقول إن الكميات الحقيقية لا تغطي إلا ربع حاجة السوق، وإن هناك من يحتكر التخزين والتوزيع فيضخ كميات محدودة للحفاظ على الأسعار المرتفعة.
الموز له قصة مختلفة لكنها لا تقل غرابة، في بلدٍ يُعد الماء فيه أغلى من النفط، تُزرع مساحات من الموز تستهلك مئات اللترات من المياه الصالحة للشرب لإنتاج كيلوغرام واحد. الدراسات تقول إن كيلو الموز الواحد يحتاج الى 2 م من المياه. ومع ذلك، تقنن الوزارة التخليص على الموز المستورد بحجة ضمان عدم إغراق السوق وحماية المنتج المحلي. النتيجة خسائر كبيرة للتجار في بعض الأحيان واستهلاك عالٍ للمياه لإنتاج سلعة بقي تصنيفها بين السلع الفاخرة قياسا بمتوسط سعرها في الأسواق.
هذه السياسات، رغم أنها تُقدَّم على أنها دعم للزراعة، تتحول عملياً إلى شبكة معقدة من الامتيازات، يستفيد منها القليل ممن يملكون التراخيص أو النفوذ، بينما يدفع المزارع والمستهلك الثمن معاً.
وهنا يقول المصري إن سياسة المنع والإغلاق أثبتت فشلها في كبح جماح الأسعار، لأنها لا تستطيع التحكم بالعرض والطلب على نحوٍ مستدام،. لذا فإنّ التوجّه نحو سياسة الحماية الجمركية أكثر كفاءة وعدالة، بحيث تُفرض رسوم جمركية متدرجة على المحاصيل المستوردة بحيث ترتفع الرسوم عند توفر الإنتاج المحلي حمايةً له، وتنخفض عند نقصه في السوق المحلية حماية للمستهلك وحتى نضمن استقرار الأسعار وتوفر السلع، معتبرا أن هذا النهج يحقق التوازن بين حماية المزارع وضمان حق المستهلك، ضمن آلية مرنة تستجيب لتقلبات السوق دون الإضرار بأيٍ من الطرفين.
ويشير المصري إلى أنّ تخفيض كلف الإنتاج شرطٌ أساسي لتحقيق عدالة الأسعار، وذلك عبر إدخال التقنيات الزراعية الحديثة في الري والمكافحة والحصاد والفرز والتعبئة، وهو ما يحتاج الى تمويل من مؤسسة الإقراض الزراعي والبنوك تحت إشراف حكومي مباشر، لدعم المزارعين في التحول نحو الزراعة المؤتمتة الذكية التي ستسهم في خفض استهلاك مياه الري من خلال أنظمة الري الدقيقة، وتقليل كلفة المبيدات ومواد المكافحة عبر المراقبة الرقمية الدقيقة، وأخيرا الاستغناء عن العمالة الوافدة الزائدة نتيجة الأتمتة في العمليات الزراعية.
حين ترتفع أسعار الخضار بهذا الشكل، لا يكون الأثر اقتصادياً فقط، بل اجتماعياً أيضاً. فالأردن يعتمد على استيراد جزء كبير من غذائه، وأي اضطراب في الأسعار يهدد الأمن الغذائي للأسر. في الأحياء الشعبية، أصبحت ربات البيوت يستعضن عن الخضار الطازجة بالمعلبات أو بالكميات الصغيرة. وفي القرى البعيدة، يترك المزارعون أراضيهم لأن الربح لا يغطي الخسارة، في عملية تبدو كدائرة مغلقة: كلفة إنتاج مرتفعة، وسياسات متذبذبة، وسوق بلا رقابة حقيقية. والنتيجة أسعار متذبذبة ترتفع باستمرار، وصغار المزارعين شارفوا على الخروج من اللعبة، فيما تتضخم أرصدة المتنفذين، ويبقى المستهلك يكتفي بالمشاهدة.
ومع انفجار الثورة الرقمية بات دخول هذه الثورة الى القطاع الزراعي ضرورة ملحة، وهنا يرى الوزير المصري أن التحول الرقمي في أسواق الجملة بات ركيزة للإصلاح الحقيقي، إذ تتيح المنصات الإلكترونية تتبّع حركة بيع المحاصيل لحظة بلحظة، بحيث يستطيع المزارع مراقبة عمليات البيع، ومعرفة السعر الذي يباع به إنتاجه في السوق، وهو ما يُقلّص الفجوة بين سعر الجملة وسعر التجزئة، ويحدّ من هوامش المضاربة التي يتكسب منها الوسطاء، كما يعزز الشفافية ويتيح للجهات الرقابية بيانات آنية لاتخاذ القرار السليم.
زيت الزيتون.. «من التنك للقناني»
خلال الأسابيع الماضية طغى الحديث عن أسعار زيت الزيتون على كل حديث حول المواد التموينية، وعجت منصات التواصل الاجتماعي بشكاوى المواطنين من ارتفاع الأسعار وعدم توفر الكميات المطلوبة في الأسواق، وسط تلكؤ وزارة الزراعة في اتخاذ قرار يضبط السوق ويوفر هذه السلعة التي لا تقل أهمية عن الخبز والارز بالنسبة للأردنيين، والمطلوب كان واضحا حتى من قبل بدء الموسم وهو فتح باب استيراد زيت الزيتون الذي انخفضت كميات إنتاجه بشكل كبير في دول شرق المتوسط وخصوصا بلاد الشام في تشهد دول المغرب العربي (تونس، الجزائر، والمغرب) موسما استثنائيا وارتفاعا كبيرا في الكميات المنتجة وفقا لتقارير إعلامية اطلع عليها معد هذا التقرير.
وعلى الرغم من ارتفاع أسعار زيت الزيتون في دول أوروبا المطلة على المتوسط (إيطاليا، واليونان، وإسبانيا) إلا أن سعر اللتر في هذه الدول بقي أقل منه في الأردن بنسبة تزيد على 25 %، حيث سجل سعر اللتر هناك 8 يوروهات، أي ما يعادل 5.5 دينار تقريبا مقارنة بـ 7.5-8 دنانير في الأردن، فيما بلغ سعر اللتر في سوريا 3.5 دينار، لبنان 6، مصر 4.5، وفي تونس 4 دنانير.
الأردنيون أمام هذا الحال انتقلوا من الشراء بالتنك إلى النصاصي والأرباع وحتى القوارير، في مشهد غير مألوف في سوق زيت الزيتون الأردني.
تباطؤ وزارة الزراعة في فتح أبواب الاستيراد غير مفهوم، خصوصا مع الأثر الواضح لغياب الزيت عن مائدة الأردنيين، على أمان طعامهم وجودته التي ألفوها.
غياب العين التي تراقب
كل هذا يقود إلى سؤالٍ واضح: من يراقب الأسعار؟ ومن يضمن أن قرارات المنع أو الاستيراد لا تُستخدم لتحقيق مكاسب لمجموعات محددة؟
الرقابة الحقيقية تكاد تكون غائبة، وزارة الزراعة تنشغل بحماية الإنتاج، ووزارة الصناعة تراقب السلع الأساسية فقط، بينما تبقى الخضار والفواكه في منطقة رمادية، لا أحد يملك حق مساءلة المتحكمين في سوقها.
الحاجة اليوم ليست إلى لجنة جديدة، بل إلى هيئة رقابية مستقلة تمتلك صلاحية الاطلاع على كلفة الإنتاج وأسعار الجملة والتجزئة والمخزون، وتعلن نتائجها بشفافية للرأي العام. هذه الهيئة يجب أن تكون صوتاً محايداً بين المزارع والمستهلك، تحمي كليهما من قرارات مفاجئة أو من تلاعب الأسعار.
وجود جهة رقابية لا يعني مصادرة السوق أو فرض التسعيرة، بل تنظيمها وضمان عدالة المنافسة. فالسوق الأردني ليس احتكارياً بطبيعته، لكنه يصبح كذلك عندما تغيب الشفافية، وبالمقارنة مع دول الجوار، تمتلك بعض الدول جهات لحماية المستهلك تصل سلطتها إلى سلطة الضابطة العدلية – كما في لبنان مثلاً – فيما تضع السعودية ومصر وسوريا أسعاراً محددة ومراقبة لمعظم السلع المحلية والمستوردة، بينما نكتفي في الأردن بنشرةٍ إرشادية لأسعار الخضار لا أحد يراقب مدى الالتزام بهوامش الأسعار فيها.
كما تبرز حاجة ملحة لوضع رزنامة زراعية تنظم الإنتاج من خلال روزنامة زراعية واضحة تحدد ماذا ننتج ومتى وكم ومتى نستورد وماذا وكم.
وفي هذا السياق يؤكد الناطق الإعلامي لجمعية حماية المستهلك ماهر حجات، أن الجمعية تدافع عن حقوق كافة أطراف العملية التبادلية من مستهلك ومزارع وتاجر بحيث يأخذ كل ذي حق حقه ولا يتغول أي طرف على الآخر. ولكن من خلال ما نرصده في الأسواق فإن الطرف الأضعف دائما هو المستهلك الذي باتت قدراته الشرائية شبه معدومة نتيجة للارتفاعات المتكررة على أغلب السلع، يليه المزارع الذي يعاني هو أيضا ظروفا اقتصادية صعبة كون القطاع الزراعي يعاني منذ عدة سنوات نتيجة لغياب التخطيط السليم من القائمين على هذا القطاع. وهذا الأمر أدى إلى عدم قدرة المزارعين على الوفاء بالتزاماتهم.
وأشار حجات إلى ضعف التخطيط والتنسيق ما بين الجهات الرسمية ذات العلاقة والمظلات التي من المفترض أن تقوم على رعاية مصالح المزارعين من جهة وتغول أو احتكار بعض التجار لأصناف من الخضار من أجل بيعها بعد انتهاء موسمها بأسعار مرتفعة يتحملها المستهلك النهائي ولا يستفيد من هذا الارتفاع المزارع.
وقال إن حماية المستهلك هي من حماية المزارع، والعكس صحيح، فكلما زاد الاهتمام بما يعانيه المزارع من مشاكل وإيجاد الحلول لها سينعكس أثر ذلك الإيجابي على المستهلك بسبب توفر السلع بأسعار تتناسب مع قدرات الشرائية لذا يجب أن يكون هنالك توافق وتواصل مشترك ما بين هذه الجهات ذات العلاقة لمعرفة حاجة السوق من جميع الأصناف لتتم زراعتها بشكل معتدل ودون إغراق السوق بها وبالتالي بيعها بخسارة يتحملها فقط المزارع.
ولذلك بيّن أنه لا بد من اتخاذ إجراءات من قبل وزارة الزراعة واتحاد المزارعين لحماية المزارع الأردني وحماية الإنتاج المحلي مما يتم استيراده من الخارج عندما يكون الإنتاج يكفي ويسد حاجة السوق المحلي، وإيجاد أسواق خارجية لتسويق الفائض من الإنتاج وأيضا إنشاء مصانع تستوعب الفائض من الإنتاج مثل رب البندورة والباميا والفاصوليا والجزر وغيرها من السلع التي من الممكن تعليبها أو تغليفها. كما أن الالتزام بالرزنامة السنوية التي تعدها وزارة الزراعة والمبين فيها مواعيد السماح للاستيراد والتصدير سيؤدي إلى توفر الخضار بكميات كافية وبأسعار معتدلة.
وختم بالإشارة إلى ضرورة وجود قاعدة بيانات تحتوي على الكميات المنتجة من الأصناف أو السلع الضرورية التي تحتاجها الأسرة الأردنية يوميا والجهات (التجار) التي تشتري هذه المنتجات بكميات كبيرة وتخزينها وبيعها بعد انتهاء موسمها الزراعي بأسعار مرتفعة وبالتالي تحقيق أرباح فاحشة وكذلك تحتوي قاعدة البيانات على السلع التي يتم استيرادها من الخارج وأسماء مستوريدها ليتم طرحها في الأسواق بكميات كافية لمنع احتكارها تمهيدا لبيعها بأسعار مرتفعة.
توازن صعب لكنه ممكن
الأردن ليس وحده في معادلة دعم الإنتاج وضبط الأسعار الصعبة، فبين المزارع والمستهلك حلقة وسيطة تبتلع الطرفين، لكن الحلول موجودة حين تُدار بواقعية، حيث يمكن فتح الاستيراد بشكلٍ مدروس عندما يقل الإنتاج المحلي، ويمكن دعم المزارعين الحقيقيين لا الوسطاء، ويمكن نشر الأسعار يومياً على الناس ليعرف الجميع أين ترتفع وأين تنخفض.
حين يشعر المواطن أن ما يدفعه ثمنٌ عادل لما يشتريه، وحين يعرف المزارع أن جهده لا يضيع بين الرسوم والتجار، عندها فقط يمكن أن نقول إن الأمن الغذائي أصبح واقعاً لا شعاراً.
الزراعة ليست قطاعاً هامشياً، بل مرآة لحياة الناس اليومية، وكيلو البندورة اليوم يقيس حرارة الاقتصاد أكثر من أي مؤشرٍ مالي، فربما حان الوقت لأن ننظر إلى سوق الخضار كما ننظر إلى أي ملفٍ وطني، ففي النهاية، من يملك طعامه يملك قراره.
يقول المهندس سعيد المصري إن إصلاح سوق الخضار لا يتحقق بقرارات منع أو نشرات إرشادية، بل عبر منظومة متكاملة من الحوكمة الزراعية تبدأ من تنظيم الإنتاج، مرورًا بإنشاء غرفة زراعة قوية ومرجعية، واعتماد سياسات جمركية مرنة، وتنتهي برقمنة السوق وتخفيض كلف الإنتاج عبر التقنيات الحديثة، عندها فقط يتحقق التوازن بين حقوق المزارع وعدالة الأسعار للمستهلك، ويتحوّل الأمن الغذائي من شعار إلى واقع مستدام.
دعم المزارع... الطريق إلى التوازن
ولأن المزارع هو الحلقة الأضعف في هذه السلسلة، فإن إنقاذه لا يكون بالخطابات ولا بالتصريحات، بل بخططٍ حقيقية تُعيد له القدرة على المنافسة والاستمرار. من بين أهم أشكال الدعم الممكنة توفير مدخلات الإنتاج بأسعار عادلة، عبر تسعير منصف للبذور والأسمدة والمبيدات، وتوسيع برامج الإقراض الزراعي بفوائد منخفضة تُمكّنه من مواصلة العمل دون أن يغرق في الديون.
كما يمكن للدولة أن تتجه نحو دعم التصدير الزراعي بتسهيلات نقلٍ وتخزينٍ وترويجٍ خارجية، لتمكين المنتج الأردني من الوصول إلى أسواق جديدة تخفف الضغط عن السوق المحلية. فكلما ازداد تصدير الفائض، تحسّن الدخل، واستطاع المزارع الاستثمار في تحسين جودة محاصيله.
إلى جانب ذلك، تبرز أهمية إنشاء منشآت تحويلية تُعنى بتصنيع الخضار والفواكه الزائدة عن حاجة السوق، لتتحول إلى منتجات مجففة أو معلبات أو عصائر، بما يحدّ من الهدر ويخلق فرص عمل جديدة.
بهذه الإجراءات يمكن خلق منظومة زراعية أكثر عدلاً واستدامة، تحفظ للمزارع حقه، وتؤمّن للمستهلك غذاءً متاحاً بسعرٍ منطقي، وتُعيد للزراعة مكانتها كأحد أعمدة الأمن الإقتصادي والغذائي في الأردن.
تعدد الجهات.. وغياب المرجعية الواحدة
في الأردن، تتعدد الجهات المدنية المعنية بالقطاع الزراعي. فمن اتحاد المزارعين إلى نقابة مصدّري ومنتجي الخضار والفواكه، ومن اتحاد مستوردي الخضار والفواكه إلى الجمعيات المتخصصة، مثل جمعيات منتجي الثوم أو الليمون أو غيرها، تتوزع الأصوات والمصالح والضغوط.
هذا التعدد، وإن بدا في ظاهره إثراءً للقطاع، أصبح في كثير من الأحيان عبئاً على صانع القرار، فالمنتجون يضغطون لوقف الاستيراد لضمان أسعار مرتفعة تحقق لهم أكبر عائد ممكن، بينما يطالب المستوردون بفتح الأبواب على مصراعيها لإدخال كميات من الخارج، وبين هذين الطرفين، تجد وزارة الزراعة نفسها في موقعٍ صعب تحاول فيه الموازنة بين المصالح المتضاربة، وغالباً ما يكون المستهلك هو الخاسر الأكبر.
ومن هنا يدعو وزير الزراعة الأسبق المهندس المصري إلى تأسيس غرفة زراعة الأردن، معتبرا أن وجودها بات حاجة وطنية لا مؤسسية فقط، لتوحيد المرجعيات الزراعية في مرجعية واحدة قادرة على تمثيل المزارعين والمصدرين والمستوردين بصوتٍ واحد، وتولي مهام الترويج والتسويق للمنتجات النهائية محليًا وخارجيًا، بما يضمن استقرار الأسعار، وفتح أسواق تصدير جديدة، وتنمية القدرة التنافسية للمنتج الأردني.
حديث المصري هذا يفتح السؤال حول مشروعية وجود هذا الكم من الجهات المتفرقة التي تربك صانع القرار وتؤجج تضارب المصالح، ففكرة إنشاء «غرفة زراعة الأردن» على غرار غرف الصناعة والتجارة، تبدو اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقتٍ مضى، غرفةٌ موحدة تمثل المزارعين والمصدرين والمستوردين معاً، وتكون المرجعية التي تتحدث باسم القطاع الزراعي أمام الحكومة والرأي العام، بما يضمن وحدة الموقف واتساق القرار ووضوح المسؤولية.
* الدستور
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : سوق الخضار.. غياب التوازن بين رعاية المنتج المحلي وحماية المستهلك - المصدر 7, اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 12:56 مساءً

















0 تعليق