جمال سند السويدي... فكر أضاء العالم - المصدر 7

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جمال سند السويدي... فكر أضاء العالم - المصدر 7, اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025 04:13 مساءً

المصدر 7 - الدكتور  مصطفى سلامة

جمال سند السويدي، كاتب إماراتي، أحد أبرز المفكرين الاستراتيجيين في الإمارات والعالم، يمثل قامة فكرية استثنائية، لا تقتصر على كونه كاتباً أكاديمياً، بل هو مبدع استراتيجي، وقائد فكري من الطراز الرفيع، يجمع بين العقل التحليلي والبصيرة الإنسانية.

 

ما يميّز السويدي ليس فقط شجاعته الفكرية، بل قدرته على ربط الواقع بالمستقبل، ومواجهة التحديات الكبرى بأفكار مبتكرة قائمة على أسس علمية متينة.

 

لا يُعد بروز شخصيات وطنية بارزة بحجم جمال سند السويدي أمراً مستغرباً في دولة الإمارات، فهو نتاج طبيعي لرؤية دولة تستثمر في الإنسان وتوفر له مقومات الريادة، أن تتلمذه على يد قادة تاريخيين بحجم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، و معاصرته عن قرب لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة "حفظه الله"، في مرحلة حاسمة، منحته فرصة فريدة لصقل فكره واستيعاب عمق الرؤية الاستراتيجية للقيادة.

 

هذه التجربة المباشرة هي التي شكلت منه نموذجاً يُحتذى به في قيادة المبادرات الوطنية، ولا يقتصر دور دولة الإمارات على تقديم القيادة الملهمة فحسب، بل يتجاوزه إلى توفير بيئة متكاملة تحتضن المبدعين والمبتكرين، فمن خلال بنيتها التحتية القوية، ومساحات الإبداع الواسعة التي تمنحها لأبنائها، ترسي دولة الإمارات أسساً راسخة لآفاق لا محدودة للفرص، لتكون منبعاً للنماذج الملهمة ووطناً للإنجازات التي لا تعرف حدوداً، و تمكين أصحاب العزيمة والرؤية من الانطلاق نحو العالمية.

 

لم يكن فكره حبراً على ورق، بل نتاج تجربة ثرية بالإنجاز والإصرار، حوّلت الأفكار إلى طاقة ملهمة، وجسّدت نموذجاً نادراً للمفكر الذي لا يكتفي بالتنظير، بل يحوّل رؤاه إلى واقع ملموس، و من خلال مؤلفاته الرائدة وإسهاماته الفكرية، طوّر مفاهيم جديدة حول المستقبل العربي، لتصبح أفكاره منارة تلهم أجيالاً من المفكرين وصناع القرار.

 

تحت قيادته، تحوّل مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية من مؤسسة بحثية إلى مختبر وطني للإبداع ومنصة رائدة للفكر المستقبلي، قدّم السويدي رؤية متفردة في القيادة الفكرية، جعلت من المركز مرجعاً علمياً لصنّاع القرار، ومنارة معرفية أضاءت طريق البحث والتحليل، وخلّفت بصمة راسخة في مسيرة الفكر الإماراتي والعالمي.

 

تتجاوز قصة جمال السويدي حدود الإنجاز المهني لتروي حكاية إنسان لم يعرف الاستسلام، فقد حوّل التحديات الصحية القاسية إلى طاقة خلاقة، والمحن إلى مصدر إلهام، ليصبح رمزاً للإرادة التي تتحدى المستحيل.

 

 وتُوّجت مسيرته بالعديد من الجوائز الرفيعة، أبرزها جائزة " فارس الدراسات العربية" من جامعة الدول العربية، إلى جانب تكريمات دولية عديدة أكدت مكانته في المشهد الفكري العالمي.

 

تميّز فكر السويدي برؤية استشرافية متقدمة، فقد تنبّه مبكراً لثورة الإعلام الرقمي، وتأثير الذكاء الاصطناعي، وأهمية اقتصاد المعرفة، داعياً العرب إلى أن يكونوا شركاء فاعلين في صناعة المستقبل بدلاً من الاكتفاء بموقع المتلقي. وفي خضم انشغاله بالمستقبل، لم يغفل عن ترسيخ الهوية الوطنية وقيم التسامح والتعايش، وهي الإسهامات التي أكسبته تقديراً دولياً ولقب "سفير السلام".

 

وضع بتوجهه الاستراتيجي العميق ورؤيته المستقبلية التي تتجاوز التحديات اللحظية، الأسس العلمية والتطبيقية لرؤية بعيدة المدى تسهم في نهضة الأمة العربية، وقد مرت كتاباته بمراحل متدرجة، بدأت بتشخيص دقيق للواقع العربي، ثم مضت إلى تقديم حلول مبتكرة تتسم بالشجاعة والنقد البنّاء، فمؤلفاته ليست مجرد نصوص معرفية، بل تجسيد حقيقي لفكر ملهم يلتزم بتوجيه مسار الأمة نحو المستقبل.

 

تركَت مؤلفاته الأخيرة أثراً واسعاً في الساحة الفكرية العربية والعالمية، حيث تناولت قضايا الإنسانية والقيادة والهوية الوطنية من منظور عميق ورؤية إماراتية منفتحة على العالم، فقد أصدر كتاب "السراب" الذي قدّم رؤية نقدية متزنة في مواجهة التطرف، وكتاب "وثيقة الأخوة الإنسانية نحو تعايش سلمي وعالم خالٍ من الصراعات"، وتُرجم إلى عدة لغات، ثم جاء كتاب "صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.. إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية"، الذي تناول فكر وإنجازات سموه في تعزيز قيم السلام والتسامح، و من بعده كتاب "الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة.. بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير"، موضحاً نجاح الإمارات في التوفيق بين الأصالة والانفتاح.

 

أما كتابه الجديد "الرحم الاصطناعي.. عالم ما بعد التكاثر البشري" فإنه امتدادٌ لهذا المسار الفكري الجريء، ففي هذا الكتاب، كما في غيره من أعماله، يواصل السويدي الجمع بين التحليل العلمي الرصين والبعد الإنساني العميق، فهو لا يكتفي بعرض المعطيات والسيناريوهات المحتملة في دراسة استشرافية تتناول واحدة من أكثر التقنيات الطبية إثارة للجدل في عصرنا، بل يضع القارئ أمام أسئلة كبرى حول معنى أن نبقى بشراً في عالم تُعاد فيه صياغة مفاهيم الحياة والولادة والأسرة، مؤكداً أن المستقبل لا ينبغي أن يُترك للمصادفة أو لسباق المصالح، بل يجب أن يُصاغ في ضوء منظومة قيمية وأخلاقية و قانونية واضحة.

 

خاتمة القول:
في جوانب شخصيته الفذة و منها على الصعيد الإنساني والعاطفي، يبقى جمال سند السويدي أقرب ما يكون إلى المعلم والأخ الأكبر لكل من عمل معه، فهو يستمع أكثر مما يتكلم، يمنح من حوله مساحة للتعبير والاقتراح، ويحيط فريقه بجو من الثقة والاحترام.

 

ومن يعرف السويدي عن قرب، يدرك أنه قائد بالفكر والقدوة، يمتلك قدرة نادرة على تحفيز الإبداع وتمكين الآخرين، مؤمناً بأن القيادة الحقيقية تكمن في منح الثقة والإلهام، ورغم صرامته الفكرية، ظل قلبه نابضاً بالتواضع، وابتسامته دعوة دائمة للارتقاء والابتكار.

 

و من خلال تجربتي معه، أدركت أن العمل إلى جانبه لم يكن مجرد وظيفة، بل رحلة فكرية وإنسانية ملهمة، تعلمتُ أن الثبات على المبدأ، والإخلاص في العمل، والإيمان بالجودة هي الركائز التي تُبنى عليها القيادة الواعية، وأن أسمى صور النجاح تتحقق من خلال الاحترافية والالتزام بالتميّز، والإتقان في الأداء، والصدق في العطاء.

 

إن إرث جمال السويدي لا يُقاس بالمناصب أو عدد المؤلفات، بل بالأثر العميق الذي تركه في العقول والقلوب، و أثبت أن الفكر المستنير هو أداة أساسية في بناء مستقبل الأمة، وأن الكتابة ليست مجرد مهنة، بل مسؤولية وطنية وفكرية تشكل رؤية الأمة لمستقبلها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق