أقدم مدارس فلسطين تولد من جديد في غزة - المصدر 7

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أقدم مدارس فلسطين تولد من جديد في غزة - المصدر 7, اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025 07:04 صباحاً

المصدر 7 - بعد عامين من الحرب التي دمّرت مئات المدارس وأوقفت العملية التعليمية بالكامل في غزة، وخلال أقل من شهر على وقف إطلاق النار، عاد أطفال غزة إلى ما تبقّى من مدارسهم التي لم تدمّرها الصواريخ والقذائف الإسرائيلية.
خلال شهور الحرب الطويلة، تلقّى كثير من الطلبة تعليمهم في خيامٍ من خلال مبادراتٍ مجتمعية بسيطة، قبل أن تبدأ المدارس القليلة المتبقية في استقبالهم مجدداً. وبعد حرب الإبادة الجماعية، عاد الطلبة حاملين حقائبهم الصغيرة، مبتسمين رغم الدمار الشامل وقسوة الظروف والواقع المرير.

 

موقع أثري
فتحت المدرسة الكمالية الأثرية أبوابها للطلبة، واستقبلت الطلاب بعد إعادة تنظيفها. تقع المدرسة في البلدة القديمة بحي الزيتون شرق مدينة غزة، وتُعدّ المدرسة الأثرية الوحيدة المتبقية. أُنشئت في العهد الأيوبي عام 1237م، وسُمّيت بالكمالية أو (الكاملية) نسبةً إلى مؤسسها الملك الكامل بن الملك العادل، حاكم الدولة الأيوبية.
تقع المدرسة بالقرب من شارع عمر المختار، ومنذ إنشائها كانت حلقة وصل بين طلاب العلم والتجار والفقراء والضيوف وكل ما هو متبادل بين بلاد الشام ومصر، وبقيت فاعلة حتى عام 1930 في فترة رئيس بلدية غزة فهمي بيك الحسيني، ثم تحوّلت بعد ذلك إلى مدرسة للبنات.
في عام 2021، جرت إعادة تأهيل المدرسة وتحويلها إلى مركز ثقافي باسم الكمالية، واعتُبر أن موقعها المركزي يؤهلها لتكون مركزاً ثقافياً أو مشروعاً يخدم البلدة القديمة. لكن خلال حرب الإبادة الجماعية، تم تدمير مبنى المدرسة بعد قصفه من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي في تشرين الثاني/نوفمبر 2023.
تتكون المدرسة من طابقين، وهي ملاصقة للبيوت السكنية من الجهات الأربع. واجهتها الرئيسة منتظمة الشكل، مبنية من الحجر الرملي الذي يمنحها ميزة الدفء شتاءً والبرودة صيفاً، ويعلو بابها الرئيسي قوسٌ مدبّب من الحجر الرخامي منقوش عليه بعض الزخارف.

 

طلاب في الباحة الخارجية للمدرسة الكمالية في غزة. (النهار)

 

بيئة تعليمية مدمّرة
وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي، تسبّبت الحرب في تدمير البيئة التعليمية وحرمت أكثر من 785 ألف طالب وطالبة من التعليم في المراحل المختلفة، وأدّت إلى استشهاد أكثر من 13 ألفاً و500 طالب وطالبة. ووفق الإحصاءات الأخيرة:
- %95 من مدارس قطاع غزة لحقت بها أضرار مادية نتيجة القصف والإبادة.
- أكثر من 90% من المباني المدرسية تحتاج إلى إعادة بناء أو تأهيل رئيسي.
- 668 مبنى مدرسياً تعرّضت لقصف مباشر (80 % من إجمالي المدارس).
- 165 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية دمّرها الجيش الإسرائيلي كلياً.
- 392 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية دمّرت جزئياً.
-      أكثر من 13,500 طالب وطالبة استشهدوا خلال الحرب.
- أكثر من 785,000 طالب وطالبة حُرموا من التعليم.
- أكثر من 830 معلماً وكادراً تربوياً استشهدوا خلال الحرب.
- أكثر من 193 عالماً وأكاديمياً وباحثاً استشهدوا.

 

عمال يرفعون اثار الدمار في باحة المدرسة الكمالية في غزة. (النهار)

عمال يرفعون اثار الدمار في باحة المدرسة الكمالية في غزة. (النهار)

 

أمل رغم الألم
تقول نائبة المديرة والمرشدة التربوية في مبادرة "أمل رغم الألم" نسرين الدريملي لـ"النهار": "بدأ المشروع مع بداية الحرب بواسطة مهنيين من وزارة التربية والتعليم. كانت المبادرة اجتهاداً شخصياً من معلمات الحي. ذهبنا إلى مدرسة يافا وبدأنا بتدريس المرحلة الثانوية والمرحلة الابتدائية، إلى أن تم قصف المدرسة أثناء وجودنا هناك، فتضررت وأُصيب بعض الطلاب، ما أجبرنا على الانتقال إلى مدرسة أخرى لإكمال رسالتنا التعليمية. ثم انتقلنا إلى منطقة نادي الدرج، حيث استقبلنا أهالي الحي وفتحنا نقطة دراسية".
وتابعت: "للأسف، تم قصف المدرسة مرة أخرى من قبل الطيران (الإسرائيلي)، ما أدى إلى إصابات بين الأطفال. فانتقلنا مجدداً لإتمام رسالة التعليم ولدعم الأطفال نفسياً، بأقل الإمكانيات المتوفرة لدينا".
وتلفت الدريملي إلى أن "أهالي الحي ووزارة التربية والتعليم ساعدونا في الحصول على هذه المدرسة القديمة، التي يبلغ عمرها نحو 750 سنة. تم افتتاحها من جديد لاستقبال طلاب جدد (دفعة 2025-2026). في البداية كانت مدرسة ثانوية عامة، لكننا أضفنا صفوفاً للمراحل الابتدائية لأن الأطفال حُرموا من التعليم، وغطّينا المراحل التعليمية الثلاث".
وتضيف: "إقبال الطلاب كبير، ونسعى جاهدين لتوفير مقاعد دراسية لهم، ونستعين بأهالي الحي والمجتمع المحلي والمؤسسات الدولية والوزارة لحل مشكلة تكدّس الطلاب وتأمين أدوات ومقاعد وخيم مدرسية لاستيعاب العدد الكبير".
وتختم بالقول: "رسالتنا أن من حقنا أن نتعلم ونعيش حياة صحية ونفسية جيدة مثل جميع أطفال العالم. ساعدونا لنعطي الأطفال حقوقهم وأملاً في هذه الحياة، ليعودوا قادرين على العيش واللعب مجدداً بصحة نفسية سليمة".

 

طلاب خلال حصة تعليمية في المدرسة الكمالية في غزة. (النهار)

طلاب خلال حصة تعليمية في المدرسة الكمالية في غزة. (النهار)

 

بدوره، يقول مدير المدرسة أسعد السوافيري، لـ"النهار"، إنّ "الفكرة انبثقت من الألم والمعاناة والدمار الذي سبّبته قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي استهدفت المدارس عمداً بسياسة ممنهجة تهدف إلى تدمير ومحو الجيل الفلسطيني الحالي. لكن إيماننا بأنه رغم كل الألم الذي عانيناه، لا نزال متفائلين بالمستقبل ومليئين بالأمل".
ويضيف: "نسعى لأن ننهض من جديد وننفض الغبار عن أنفسنا، ونحارب الأمية والجهل اللذين يحاول الاحتلال نشرهما بيننا. بحثنا عن مواقع عديدة وعن قطعة أرض لنصب الخيام وتحويلها إلى فصول دراسية، ولم نجد أي مساحة فارغة. وجدنا هذا المكان المهجور، نظفناه ورممناه وحولناه إلى مدرسة من جديد، فآخر طالب درس هنا كان عام 1949".
ويوضح السوافيري: "واجهتنا العديد من التحديات بسبب نقص المواد، فمعظم الفصول الدراسية لا تحتوي على طاولات". ونظراً للعدد الهائل من الطلاب، جرى تقسيم الأسبوع إلى ثلاث مجموعات:
اليوم الأول للمجموعة (أ): طلاب المرحلة الثانوية (نحو 250 طالباً).
اليوم الثاني للمجموعة (ب): طلاب المرحلة الابتدائية، الصفوف من الأول إلى الرابع (نحو 250 طالباً).
اليوم الثالث للمجموعة (ج): طلاب المرحلة الإعدادية، الصفوف من الخامس إلى الثامن (نحو 250 طالباً).
ويختم: "نعمل الآن على إنشاء خيمة تعليمية لاستيعاب المزيد من الطلاب. جميع أعضاء هيئة التدريس لدينا متطوعون، ونحن نعلّم الأطفال مجاناً، كما ينص القانون الدولي، فالتعليم الأساسي حق من حقوق الإنسان ويجب أن يكون مجانياً".

 

دفتر وقلم

وتقول المعلمة علا أبو سيدو، من جهتها، إنّ "ما أفعله الآن هو ترميم ومحاولة سدّ فجوة عامين غمرهما القصف والحرب والدمار. بعد تدمير معظم المدارس الحكومية ومدارس الأونروا، نقوم بتعليم الأطفال المناهج الأساسية التي فاتتهم. كشعب فلسطيني نحن معروفون بثقافتنا وذكائنا وفكرنا".
وتضيف لـ"النهار": "بالطبع، نواجه تحديات كثيرة ونقصاً في المواد التعليمية، لكن رغم كل ذلك نثابر، لأن الأهم هو مساعدة الطلاب على تعويض ما فاتهم خلال العامين الماضيين".
وتردف: "الأطفال أبرياء، ومن حقهم أن يعيشوا بأمان بعيداً عن الحرب، وأن يحصلوا على التعليم والرعاية الصحية، فهم مجرد أطفال".

 

الطالب خالد الغزاري. (النهار)

الطالب خالد الغزاري. (النهار)

 

أما الطالب خالد الغزاري (9 سنوات)، في الصف الثالث، فيقول لـ"النهار": "أريد أن أدرس كل شيء: العربية والإنكليزية والرياضيات، كل ما يمكن أن نتعلمه. أنا سعيد بالدراسة هنا، فهذه المدرسة عريقة جداً. شاهدتُ فيديو عنها وعرفت أنها بُنيت منذ زمن بعيد. أحب المدرسة، لكن في طريقي إليها أشعر وكأنني أعيش نكبة عام 1948، الشيء الوحيد الناقص هو الملابس التقليدية، وكل ما أملكه دفتر وقلم".

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق