نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قضاء ليبيا في قلب صدام السلطات - المصدر 7, اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025 06:45 صباحاً
المصدر 7 - كرّس صدام جديد في ليبيا بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية، واقع الانقسام العميق الذي يعيشه هذا البلد، وعمّق التحديات التي تواجه الجهود الدولية الرامية إلى توحيد مؤسساته. كما أعاد تسليط الضوء على الحاجة الملحّة إلى دستور جديد يُنظّم العلاقة بين هذه السلطات.
وخلال العامين الأخيرين، طال الصراع على النفوذ مؤسسات السلطة القضائية، وهو ما تجلّى في الانقسام حيال الجهة المخوّلة بمراقبة مطابقة القوانين للإعلان الدستوري المعمول به في ليبيا، بين الدائرة الدستورية التابعة للمحكمة العليا في طرابلس، والمحكمة الدستورية العليا التي أنشأها مجلس النواب ومقرها بنغازي (شرق البلاد)، في خطوة رفضتها القوى الحاكمة في غرب ليبيا.
وأصدرت الدائرة الدستورية الأسبوع الماضي حكماً بعدم دستورية قانون أقرّه مجلس النواب قبل أشهر، فسارع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى تلقّف الحكم، معلناً عزمه تشكيل لجنة قانونية متخصّصة لـ"مراجعة جميع القوانين الصادرة عن مجلس النواب". لكن المجلس بدوره رفض هذه الخطوة، مشدّداً على انفراده بسلطة التشريع في البلاد.
وقد أثار الصدام الأخير مخاوف واسعة في ليبيا من إدخال القضاء في قلب معادلة الصراع السياسي، بما قد يمسّ صورته واستقلاليته. وكانت الموفدة الأممية هانا تيتيه قد عبّرت في إحاطةٍ أخيرة أمام مجلس الأمن عن قلقها من "وجود محكمتين دستوريتين تعملان في الشرق والغرب"، محذّرة من "الضرر الناجم عن التنافس بين المؤسسات الموازية، بما يخلق حالة من عدم اليقين القانوني".
الدائرة الدستورية العليا في ليبيا. (أ ف ب)
غير أن أستاذ القانون في الأكاديمية الليبية للدراسات الدكتور مجدي الشبعاني، لا يعتقد أن السلطة القضائية "باتت طرفاً في الأزمة السياسية"، موضحاً أن "الدائرة الدستورية تمارس دورها في الرقابة على دستورية القوانين منذ خمسينيات القرن الماضي، وبالتالي لا يمكن القول إن أحكامها موجّهة ضد مجلس النواب أو غيره".
ويحمّل الشبعاني، في حديث لـ"النهار"، مجلس النواب مسؤولية "الانتقال من نظام وحدة القضاء إلى ازدواجيته، عندما أنشأ محكمة دستورية عليا في خطوة تتطلّب دستوراً متكاملاً وسلطة تشريعية مكتملة الاختصاص، بينما المجلس الحالي موقت، وصلاحياته تقتصر على القوانين المطلوبة للمرحلة الانتقالية فقط. لذلك لا يجوز له المساس بإرث تاريخي تمثّله المحكمة العليا ودائرتها الدستورية، أو إعادة تشكيل هياكل الدولة وابتكار مسار جديد لنظام الحكم".
ويرى الشبعاني أن "مجلس النواب يخشى الرقابة على دستورية القوانين ويتغوّل على السلطة القضائية لمنعها من ممارسة دورها"، محذّراً من أن "هذا التعنّت قد يجرّ البلاد إلى مزيد من الانقسام قد يصل إلى انشطار القضاء نفسه". ومع ذلك، يدافع عن خطوة رئيس المجلس الرئاسي بتشكيل لجنة لمراجعة القوانين، قائلاً: "رغم محدودية صلاحياته، فإنه حين يرى سلطةً تتغوّل على أخرى، يتدخّل بحكم الضرورة لاحتواء الأزمة وفضّ النزاع بين السلطات".
في المقابل، يرى أستاذ القانون في جامعة درنة الدكتور راقي المسماري أن "المحكمة العليا ودائرتها الدستورية تُناكف مجلس النواب منذ انتخابه عام 2015، عندما حكمت بحلّه لأسباب إجرائية شكلية، وهو قرار عرّض مئة ونائبين يمثلون مدن غرب ليبيا لمخاطر عدة". ويدافع المسماري عن مجلس النواب قائلاً إنه "يمارس اختصاصاته التشريعية، ومن حقه إعادة تنظيم القضاء الدستوري عبر تعديل القوانين، ويُفترض أن تحترم المحكمة العليا القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، فهذا من صميم مبدأ الفصل بين السلطات".
ويضيف المسماري أن "الدائرة الدستورية في المحكمة العليا ربما تورّطت في شبهات سياسية جرّتها إلى معاندة السلطة التشريعية، وهو أمر لا يخدم الدولة ولا مصلحة القضاء"، مشدّداً على "ضرورة النأي بالسلطة القضائية عن الصراع السياسي المحتدم وعن تدخلات السلطة التنفيذية". لكنه يقرّ في الوقت نفسه بأن "الجغرافيا تفرض نفسها؛ فمن يسيطر على حيز جغرافي يفرض موقفه السياسي على المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية"، محذّراً من "مخاطر جسيمة قد تنجم عن جرّ مؤسسات يُفترض أن تبقى على الحياد إلى أتون الصراع السياسي".











0 تعليق