المصدر 7 - تُعدُّ المأكولات مرآةً تعكس ثقافات الشعوب وطرائق تفكيرها، إذ تتنوّع الوصفات والمكوّنات من بلدٍ إلى آخر تبعًا للعادات والتقاليد والمناخ وحتى المعتقدات. وإذا كانت بعض المكوّنات مألوفةً في المطابخ اليومية، فإنّ هناك موادَّ أخرى تُثير الدهشة وربّما الاشمئزاز عند سماعها، لكنها تُعدُّ من أطايب الطعام في أماكن مختلفة من العالم. في هذا المقال نستكشف أغرب المكوّنات التي تُستخدم في الطبخ العالمي، حيث تتجلّى المفارقة بين ما نعدّه غريبًا وما يراه الآخرون عاديًّا وشهيًّا.

أغرب المكوّنات المستخدمة في الطبخ العالمي

بيض النمل في تايلاند

في شمال تايلاند يُقدَّم بيض النمل الأبيض كأحد أرفع الأطباق التقليدية، ويُستخدم في الحساء والسلطات مثل "يام كاي موت داين" (Yam Kai Mot Daeng). يمتاز هذا البيض بنكهةٍ حامضةٍ خفيفة وبمذاقٍ يُشبه الليمون، ويُعدُّ مصدرًا غنيًّا بالبروتين. يرى الطهاة التايلانديون أنّ استخدام مكوّنٍ طبيعي كهذا يُعبّر عن الاستدامة الغذائية واحترام البيئة، إذ يعتمد السكان على ما يوفّره لهم النظام البيئي المحلي من دون إسراف.

عشّ طائر السَّويفتلت (Swiftlet) في الصين

يُعدّ هذا العشّ من أغرب وأغلى المكوّنات في العالم. يُصنَع من لعاب طائر السويفتلت الذي يتجمّد في الهواء مشكّلًا هيكلًا هشًّا يُجمَع بعناية من الكهوف الساحلية. يُطهى العشّ في حساء عشّ الطائر الشهير في الصين وهونغ كونغ، ويُقال إنّه يمنح البشرة نضارةً ويقوّي المناعة. يصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى مئات الدولارات، ويُعدُّ طبقًا فاخرًا يُقدَّم في المناسبات الرفيعة.

الجبن المتعفّن في إيطاليا – "كاسو مارتزو" (Casu Marzu)

في جزيرة سردينيا الإيطالية يُنتَج نوع فريد من الجبن يُترَك ليتخمّر بفعل يرقات الذباب الحيّة. تُكسّر الطبقة العليا من الجبن لتسمح للهواء بالدخول، فتبدأ اليرقات بتفكيك الدهن، ما يمنح الجبن قوامًا كريميًّا قويّ النكهة. ورغم أنّ الاتحاد الأوروبي حظر بيعه رسميًّا لأسبابٍ صحّية، فإنّه لا يزال يُصنّع في الخفاء بوصفه جزءًا من التراث المحلي، ويُعَدُّ من أجرأ التجارب الذوّاقة في أوروبا.

سمك الفِسخ – "سورسترومنغ" (Surströmming) في السويد

يُعتبَر هذا الطبق السويدي من أكثر الأطعمة المثيرة للجدل في العالم. يُحضَّر من سمك الرنجة المتخمّر لمدّةٍ طويلة في علبٍ معدنية، وحين تُفتَح تنبعث رائحة قوية لا تُحتَمل عند غير المعتادين عليها. ومع ذلك، يتناوله السويديون بفخرٍ على الخبز الرقيق مع البصل والبطاطا، ويرونه جزءًا أصيلًا من تراثهم البحري. المدهش أنّ هذا الطبق بات محطّ اهتمام عشّاق المغامرات الغذائية حول العالم.

حساء الضفادع في الصين وفيتنام

تُستخدم الضفادع في أطباقٍ كثيرة في آسيا وأوروبا، لكنّها تبلغ ذروة الغرابة في الحساء الفيتنامي والصيني حيث تُقدَّم الضفادع كاملةً في المرق الساخن. يُعتقَد أنّها غنيّة بالبروتين ومنشّطة للطاقة الحيوية. كما يُقدَّم الطبق كرمزٍ للتجدّد والتوازن الطبيعي. من منظور الطهاة المحليين، ليست الضفادع غريبة بل مكوّنًا من التراث الريفي العريق.

ديدان الماغوِي في المكسيك

تُعَدّ ديدان الماغوِي من المأكولات المكسيكية التقليدية، وتُقدَّم إمّا مقليةً أو مطحونة في صلصات "سالسّا دي غوسانو" الحارّة. تُجمَع هذه الديدان من نبات الصبّار، وتُعتبر مصدرًا ممتازًا للبروتين والمعادن. يأكلها المكسيكيون منذ قرونٍ طويلة كجزءٍ من نظامٍ غذائيٍّ متنوّع يعتمد على الطبيعة المحليّة، وقد أصبحت اليوم من عناصر الابتكار الغذائي في مطاعم النخبة.

لحم الحصان في كازاخستان واليابان

رغم أنّ أكل لحم الحصان يثير جدلاً في بعض الدول، فإنّه يُعدّ طعامًا فخمًا في بلدانٍ أخرى. في كازاخستان يُقدَّم في أطباقٍ تقليدية مثل "بِشبارماك"، بينما يُقدَّم في اليابان نيئًا تحت اسم "باساشي" (Basashi). يتميّز اللحم بطراوته العالية ونسبة دهونه المنخفضة. في هذه الثقافات يُنظر إليه باعتباره رمزًا للقوّة والكرم، لا سيّما في الاحتفالات الوطنية.

عشبة السابوديلا المخمّرة في نيجيريا

في غرب إفريقيا تُستخدَم ثمار السابوديلا المخمّرة في إعداد الحساء التقليدي "أوغيري" (Ogiri). تُخمَّر البذور لأسابيع حتّى تكتسب رائحةً قوية ومذاقًا لاذعًا. تُضاف إلى أطباق الخضار واللّحوم لتمنحها طعمًا مميّزًا، ويُعتقَد أنّها تُساعد في الهضم. يَعتبر النيجيريون هذا المكوّن عنصرًا من الذكاء التراثي الذي يجعل الأطعمة غنيّة بالنكهات الطبيعية.

بيض القرن في الصين

يُعدّ بيض القرن، أو "بي دان" (Pi Dan)، من أكثر المكوّنات غرابةً في المطبخ الصيني. يُحفَظ البيض في مزيجٍ من الرماد والملح والشاي لأسابيع أو أشهر حتى يتحوّل بياضه إلى لونٍ كهرمانيّ داكن، وتتحوّل صفارته إلى لونٍ زيتيّ كريميّ. رغم مظهره غير المألوف، يُعتبر من الأطايب الفاخرة ويُقدَّم مع الأرزّ أو العصيدة. هذا الطبق يُجسّد فلسفة الطهو الصيني في تحويل المألوف إلى فنٍّ دقيق.

قهوة الزباد – "كوبي لواك" (Kopi Luwak) في إندونيسيا

من أغرب المشروبات في العالم قهوة "كوبي لواك" الشهيرة، تُصنَع من حبوب البنّ التي يأكلها حيوان الزباد ثم تُجمَع بعد أن تمرّ في جهازه الهضمي وتُحمَّص بعناية. يُقال إنّ الإنزيمات أثناء الهضم تُضفي على الحبوب نكهة فريدة أقلّ مرارة وأكثر عمقًا. رغم الجدل حول طُرق إنتاجها، تبقى هذه القهوة من أغلى الأنواع عالميًّا، ويبلغ سعر الكيلوغرام منها مئات الدولارات.

عيون سمك التونة في اليابان

في مطابخ اليابان الساحلية تُقدَّم عيون سمك التونة مطهوةً بالبخار أو مقليةً بالصلصة. رغم شكلها الغريب، فإنّها غنية بالأوميغا-3 والبروتين. تُباع في الأسواق البحرية بأسعار زهيدة وتُعَدّ من الوجبات الشعبية. يرى اليابانيون أنّ في هذا المكوّن احترامًا لنعمة البحر، واستفادة كاملة من الكائن البحري.