نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
افتتاح الحكومة أم بداية موجة سيولة؟ وما وضع البيتكوين؟ - المصدر 7, اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 04:00 مساءً
المصدر 7 - لم تكن إشارات واشنطن هذا الأسبوع عادية: تصويت بـ 60–40 في مجلس الشيوخ يفتح الباب لإنهاء إغلاق حكومي دام 41 يوماً، يتزامن مع طرحٍ رئاسي لصكّ مالي شعبوي بعنوان «عائد التعرفة» بقيمة 2000 دولار لكل مواطن. المزاج المالي التقط الفكرة سريعاً: إذا عادت الحكومة للعمل وانفتح الإنفاق مجدداً، وإذا أضيفت جرعة تحفيزٍ مالية بأي صيغةٍ كانت (تحويل نقدي مباشر، إعفاءات ضريبية، أو تخفيف ضريبة الإكراميات) فإن السيولة العائدة قد تجد طريقها إلى الأصول مرتفعة المخاطر، وفي مقدّمها بيتكوين. ما بين تاريخ البيتكوين الذي يلوّح بأرقامٍ مثيرة (قفزتا 96% و157% عقب إقفالي 2018 و2019)، والاقتصاد السياسي الذي يعِد بموازناتٍ أوسع وعجزٍ أكبر، تنسج السوق روايتها: عودة الحكومة قد تعني عودة الرغبة في المخاطرة مع زوال التعتيم على البيانات الاقتصادية.
واشنطن تزيح العائق النفسي… والأسواق تُسعّر عودة العادي الطبيعي
تصويت مجلس الشيوخ على قرار تمهيدي لإنهاء الإقفال نقل السردية من تعطيل مكلف إلى عودة تدريجية إلى العادي، حتى قبل المصادقة النهائية من مجلس النواب وتوقيع الرئيس. بيانات المراهنات التنبؤية تُظهر ميلاً كاسحاً لاحتمال إنهاء الإقفال في هذا الأسبوع، وهو ما انعكس فوراً على المزاج السعري: العقود الآجلة على الأسهم تقدّمت، والملاذات تداولات ضمن نطاقات عرضية، وامتد الأثر إلى بيتكوين التي لحقت بالارتداد الصعودي بوصفها أصل السيولة الهاربة حين تُرفع العوائق المؤسسية. التعليق الذي دار على لسان كثيرين، ومنهم اقتصاديون معروفون، بسيط في منطقه: إذا عادت واشنطن إلى سياسة يومية طبيعية، فإن العجز سيرتفع، والبيانات ستعود إلى التدفّق، وميزانيات الإنفاق ستمدّ الأسواق بوقودٍ جديد، ما يدفع المستثمرين إلى إعادة توزيعٍ نحو الأصول التي تتنفّس السيولة وتكافئ المخاطرة.
سجلّ التاريخ مُغْرٍ… لكنّ السببية ملتبسة
الاستدعاء السريع للأرقام التاريخية مفهوم: عقب تسويات إقفالي فبراير 2018 ويناير 2019، سجّلت بيتكوين موجتين صاعدتين بنحو 96% و157% على التوالي. لكن القراءة الرصينة تُلزمنا بترتيب العلاقة: لم تكن نهاية الإقفالات وحدها هي الشرارة، بل تزامنت مع تبدّل أوسع في المزاج الماكرو—تحوّل في مسار الفائدة، تحسّن مفاجئ في شهية المخاطرة، وتدفقات مؤسساتية أولية تبحث عن بدائل. بمعنى آخر، نهاية الإقفال تُزيل حاجزاً نفسياً ومؤسسياً، لكنها لا تكفي بمفردها لصناعة دورة صاعدة؛ ما يصنع الدورة هو مزيج السيولة الرخيصة، ووضوح السياسة النقدية، وهدوء جبهات المخاطر النظامية. هذا التمييز مهمّ اليوم حتى لا تتحوّل المقارنة التاريخية إلى سببيةٍ زائفة تُغري بالمبالغة.
"عائد التعرفة الجمركية": تحفيز مالي بالاسم… بأشكال متعدّدة
المقترح الرئاسي بمنح 2000 دولار لكل مواطن، سواء أتى نقداً، أو كإعفاءٍ ضريبي، أو عبر صيغٍ جزئية كتحرير الإكراميات من الضريبة، ليس تفصيلاً خطابياً. أي توسيعٍ مالي بهذا الحجم يعني ضخّ مئات المليارات في شرايين الاستهلاك والادخار، مع أثر ارتدادي على محافظ المستثمرين. تاريخياً، موجات التحفيز—حتى حين تأتي عبر تخفيضات ضريبية—خلقت سيولة هامشية تبحث عن عائدٍ يتجاوز تآكل القوة الشرائية؛ وهنا تدخل بيتكوين بوصفها أصلًا ذا طابعٍ مزدوج: مخزن قيمة مضاربي في آن، وقناة لتحويل القلق التضخّمي إلى رصيدٍ رقميّ سائل في آن آخر. لكن المسافة من الاقتراح إلى التنفيذ مليئةٌ بالسياسة: الكونغرس، الصياغات، والجداول الزمنية. وكل تأخير أو تمييع في التطبيق قد يُبدّد جزءاً من الأثر النفسي الذي غذّى الاندفاعة الأولى.
كيف تنتقل السيولة إلى الكريبتو؟ قنوات ثلاثة لا بدّ من مراقبتها
قناة أولى عبر «المخاطرة المنهجية»: حين ترتفع الأسهم وتلين عوائد السندات، يميل مديرو المحافظ إلى رفع الأوزان في الأصول عالية البيتا، ومنها بيتكوين. قناة ثانية عبر «الميزانيات الشخصية»: دفعاتٌ نقدية أو تخفيفٌ ضريبي يخلق حصة ادخارٍ جديدة، قسمٌ منها يذهب إلى تطبيقات الوساطة والكريبتو. قناة ثالثة عبر «البنية المؤسسية»: كلّما تراجعت ضبابية البيانات بفعل إعادة فتح الحكومة، ازدادت قدرة الصناديق على تبرير تعريض أعلى لأصول كانت خارج التفويض زمن الفوضى والضبابية. هذا الثالوث لا يعمل فوراً ولا بالتساوي، لكنه يفسّر لماذا يكفي خبر سياسي وحيد لتحريك طبقات عدّة.
مشهد السعر والتدفّقات: قوّة تحمل… مع إشارات إنذار مبكر
على المستوى الآني، ظلّ سعر بيتكوين متماسكاً قرب المستويات النفسية 100 ألف دولار رغم قفزةٍ لافتة في «ضغط البيع» الآتي من المحافظ قصيرة الأجل، التي كثّفت تحويلاتها إلى البورصات بنسبة جاوزت الـ 1300% في قراءاتٍ يومية، بالإضافة لحاملي البيتكوين القديمين، الذين اختاروا التخلّي عن جزء من محافظهم. هذا التباين—ثبات السعر مقابل زيادة المعروض المُتاح للبيع—يُقرأ بطريقتين: إمّا أن الطلب الفعال يمتصّ العرض، ويُراكم قوة صاعدة، وإما أن السوق تبني قمّةً قصيرة الأجل على أرضيةٍ رخوة. وفي الخلفية، تتقدّم دورة السيولة البالغة 65 شهراً نحو ذروتها المفترضة في الربعين الأول والثاني من 2026، ما يبرّر سيناريو تصحيحٍ متوسطٍ بين 10–12% قبل استئناف المسار، خصوصاً إذا سخنت التقييمات أكثر مما تحتمل شهية المخاطرة المؤسسية وكسرت مستويات 100 ألف.
صورة تعبيرية (وكالات)
سيناريوان للأشهر القريبة: «فتح كامل + تحفيز»… أم «نصف فتح + جدل ممتد»؟
في السيناريو الإيجابي، يمرّ إنهاء الإقفال سريعاً عبر مجلس النواب، وتُترجم الإدارة مقترح «عائد التعرفة» إلى صيغةٍ تنفيذية واضحة، فتتراكم عناصر العودة إلى المخاطرة: بيانات رسمية تعود للصدور، بنك مركزي يستعيد بوصلة التوجيه، وإنفاق مالي ينعش قنوات السيولة. هنا تمتلك بيتكوين وقودَ اختراق أعلى، يُترجم تدريجياً على مدى أسابيعٍ لا أيام. في السيناريو الحذر، يتأخّر المسار التشريعي أو تُفرّغ الحزمة من مضمونها، وتبقى شهية المخاطرة معلّقة على وعودٍ مستقبلية، فتخرج السوق في تصحيحٍ وظيفيّ يستهدف إزالة الرافعة القصيرة الأجل وإعادة التوازن بين التدفقات والإمداد.
ما الذي ينبغي رصده؟
ثلاث إشاراتٍ ترجّح كفّة على أخرى: أولاً، مسار العوائد الحقيقية الأميركية؛ أي هبوطٍ منظّم يستمر أسابيع يفتح الباب أمام تمدّد سعريّ مستدام. ثانياً، سلوك صناديق المؤشرات والفترات المقفلة المؤسسية؛ دخول صافٍ متكرر يتجاوز قفزات العناوين يعني علامة مؤسسية قوية. ثالثاً، الفجوات بين أسعار لندن ونيويورك في المعادن النفيسة (الذهب والفضة) بوصفها ميزان حرارةٍ لشدّة الطلب على الملاذات؛ انفراج تلك الفجوات يواكب عادةً تمدد "الريسك أون" أو "شهية المخاطرة" عبر الأصول، ومنها الكريبتو.
نعم، التاريخ يُغري، والسياسة تُبشّر، والسعر يُقاوم. لكن المسافة بين إشارة تمهيدية ودورة صاعدة لا تُقطع بخبرٍ واحد. إذا تحوّلت نهاية الإغلاق إلى عودة كاملة للإنفاق والبيانات، وإذا خرج عائد التعرفة من خانة الشعارات إلى خانة التنفيذ، تملك بيتكوين فرصة تدشين مرحلةٍ جديدة من التوسّع. أمّا إذا طال الجدل وتقطّعت جرعات السيولة، فالتصحيح قبيل الاندفاعة التالية يبقى الاحتمال الأرجح، ولن يكون هناك نسخ ميكانيكي لعامَي 2018 و2019، بل سردية محدثة تكتبها السيولة حين تعود… أو تتأخّر.
** رئيس الأبحاث وتحليل الأسواق في مجموعة إكويتي







0 تعليق