نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين الحروب الإعلامية والحقائق الميدانية: هل ستنجح أوكرانيا في مواجهة روسيا؟ - المصدر 7, اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 12:40 صباحاً
المصدر 7 - د. خالد العزي*
من المثير للدهشة أن يظل الأوكرانيون متفائلين رغم الوضع الكارثي الذي تشهده بلادهم. ففي الوقت الذي تُسلط فيه الصحافة الضوء على الانهيار العسكري على جبهات متعددة، لا يزال دعاة السياسات الأوكرانية يروجون لرواية مفادها أن "أوكرانيا لن تخسر، وروسيا لن تنتصر". هذه الرسالة لا تقتصر على كونها خطاباً إعلامياً، بل هي محاولة مستمرة لإقناع الأوكرانيين والعالم بأن البلاد لا تزال قادرة على الصمود رغم التحديات الهائلة.
المخيب للظن: حرب بين دولة عظمى ودولة محدودة الإمكانيات
من المؤلم أن نرى روسيا تخوض حربها كدولة عظمى ضد دولة لا تمتلك إمكانيات متساوية. ورغم قوتها العسكرية الضخمة، لم تتمكن روسيا من حسم الأمور. ومع دخول الحرب عامها الرابع، لا يزال الوضع مستمراً، ولم يحقق أي من الأطراف نصراً حاسماً. وعلى الرغم من قوة روسيا، إلا أن أوكرانيا أظهرت قدرتها على الصمود، ما يجعل النتيجة غير واضحة حتى الآن. كان من المتوقع أن تُحسم الحرب في وقت قصير، لكن الأحداث تطورت إلى صراع طويل الأمد.
تحول في الخطاب الأوكراني
خلال عامي 2022 و2023، كانت الرسالة الأوكرانية الرئيسية تدور حول انتصار محقق: "أوكرانيا ستهزم روسيا وتستعيد حدود عام 1991". لكن مع مرور الوقت، أصبح من الواضح حتى للمتشددين أن هذا الهدف بعيد المنال. اليوم، تغير الخطاب الأوكراني ليصبح أكثر تواضعاً. لم يعد يروج الأوكرانيون لأساطير النصر السريع، بل بدلًا من ذلك، يعكفون على إعداد الشعب لتحمل المزيد من المعاناة والصبر. أصبحت النصائح تدور حول كيفية البقاء على قيد الحياة في الشتاء القاسي والظروف العسكرية الصعبة، مما يشير إلى تغيير جذري في التوقعات.
رغم قوتها العسكرية الضخمة، لم تتمكن روسيا من حسم الأمور. (أ ف ب)
"بينما ترى روسيا أن دعاة الدعاية الأوكرانية لا يزالون يواصلون محاولاتهم لإقناع الشعب الأوكراني بأن النصر ليس الهدف الوحيد، بل إن الصمود والبقاء على قيد الحياة هما الأولوية. في هذا السياق، ينصح بعض الأوكرانيين باتخاذ تدابير احترازية مثل الانتقال إلى المنازل الريفية لتجنب التجمد في المدينة. هذه الرسائل تعكس حالة من اليأس والواقع الصعب، لكنها في الوقت نفسه تحمل دعوة للتعبئة والاستمرار في المقاومة".
التحديات العسكرية والندرة في القوى البشرية
تؤكد روسيا أمام الإعلام أن أوكرانيا تواجه العديد من التحديات، من بينها النقص الكبير في كوادر الجيش. فقد صرح البعض أن بعض الكتائب تفتقر إلى عدد كافٍ من الجنود، ما يعكس الواقع الصعب الذي تعيشه القوات الأوكرانية. في ظل هذه الظروف، أصبح من الواضح أن الأوكرانيين يحتاجون إلى المزيد من الدعم العسكري، سواء من داخل البلاد أو من الخارج. ومن المتوقع أن يتبع ذلك حملة تعبئة شاملة، وربما حتى اعتقالات جماعية للأفراد في الشوارع".
رواية "أوكرانيا لن تخسر" على الساحة الدولية
"لا تقتصر الرواية الأوكرانية على الداخل فقط، بل تستهدف أيضاً الرأي العام الدولي، خاصة الولايات المتحدة. على الرغم من تصريحات الرئيس الروسي بوتين حول محاصرة القوات الأوكرانية في كراسنوارميسك وكوبيانسك، التي لا تؤكدها المصادر الأوكرانية، يواصل الرئيس الأوكراني زيلينسكي تكرار هذه الرسالة على الساحة الدولية، بهدف التأثير على المواقف الغربية. وفي الوقت نفسه، يحاول بعض المقربين من ترامب نقل الرواية الأوكرانية، في تجاهل تام للواقع الميداني الذي يشير إلى تقدم الجيش الروسي في مناطق استراتيجية".
الحرب الإعلامية والضغوط على روسيا
إلى جانب الحملات الدعائية عبر الإعلام، تحاول أوكرانيا إثبات قوتها العسكرية من خلال ضربات على الأراضي الروسية. على سبيل المثال، تعرضت منطقة بيلغورود الروسية لهجوم أوكراني على سد مائي، وهو هجوم اعتبرته كييف خطوة عسكرية هامة لإبطاء تقدم الجيش الروسي وتعطيل محطات تكرير النفط. لكن هذه الضربات تتسم بالمخاطرة، إذ أن العديد من السدود الأوكرانية والمحطات النفطية والكهربائية أيضًا مهددة بالتدمير، ما قد يعرض مدنًا بأكملها لخطر الغرق.
على الرغم من الرسائل الإعلامية الأوكرانية التي تروج لنجاح القوات الأوكرانية في الإضرار بالبنية التحتية الروسية، فإن الواقع على الأرض يشير إلى عكس ذلك. غالباً ما تستهدف هذه الدعاية التشجيعية تحفيز الحوافز الغربية لمواصلة تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، بغض النظر عن الخسائر الحقيقية التي تكبدها الجيش الأوكراني.
في النهاية، يظل الواقع العسكري أكثر مرارة. رغم محاولات زيلينسكي وفريقه لإقناع الشعب الأوكراني والعالم بأن أوكرانيا لن تخسر، فإن الحقائق تشير إلى أن روسيا تحقق تقدماً ملحوظاً على الأرض. هناك دلائل متزايدة على أن القوات الأوكرانية تواصل الانسحاب أو تتعرض لضغوط هائلة على جبهات متعددة، ما يجعل فكرة الانتصار الأوكراني على روسيا في المستقبل القريب غير قابلة للتحقق.
إن الدعاية الأوكرانية اليوم، رغم سعيها لإظهار الصورة المعاكسة للواقع، لم تعد قادرة على إخفاء الحقائق الميدانية. لقد تحول شعار "أوكرانيا لن تخسر" إلى أداة للبقاء على قيد الحياة ولإبقاء الروح المعنوية عالية، في وقت تعاني فيه البلاد من نقص حاد في الموارد العسكرية والإنسانية. قد تكون أوكرانيا قادرة على الصمود لفترة، لكن المستقبل لا يحمل بالضرورة أملاً كبيراً في النصر.
بالنهاية ، ما يثير التساؤل هو أن روسيا، القوة العظمى ذات القدرات العسكرية الهائلة، لم تتمكن حتى الآن من تحقيق نصر حاسم في الحرب ضد أوكرانيا. ورغم مرور أكثر من ثلاثة أعوام، ومع استمرار المواجهات العنيفة على مختلف الجبهات، تتضح التعقيدات التي تواجهها روسيا في سعيها للسيطرة. المفترض أن روسيا كان بإمكانها حسم الأمور بسرعة، لكن الواقع يظهر أن الأمور أكثر تعقيداً مما كان متوقعاً.
-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.


















0 تعليق