كتب د. محمد أبو بكر

من أكثر الشخصيات جدلا في تاريخ الأردن ، والرجل الذي قيل عنه الكثير ؛ مدحا وذمّا ، فمنهم من كان يرى فيه الوطني المخلص ، آخرون كانوا يتهمونه بالتعاون مع الإنجليز ، إلى حدّ العمالة ، وهذا ظلم كبير للرجل ، الذي كان يعرف تماما عقلية الإنجليز وكيفية التعامل معهم .

شكّل الحكومة ١٢ مرة ، وفي عهد الملوك الثلاثة ؛ الملك عبد الله الأول والملك طلال والملك حسين ، كان زاهدا جدا في حياته ، مدافعا شرسا عن الموظفين الأكفاء ، وفي إحدى المرات وقّع أبو الهدى على كتاب لترفيع مجموعة من كبار الموظفين ، ورفع الكتاب للملك عبدالله الأول للمصادقة عليه ، حيث صادق الملك على كافة الأسماء باستثناء موظف واحد هو المرحوم محمد أديب العامري ، فاستغرب أبو الهدى ذلك ، فكان ردّ الملك بأنه لا يحب هذا الشخص ، فأجابه أبو الهدى بالقول ؛ هذا من أكفأ الموظفين ياسيدي، واستمر الملك في رفضه ، مما دفع أبو الهدى لوضع استقالته بين يدي الملك إن لم يصادق على ترفيعه ، وبالفعل وافق الملك في النهاية ، وفيما بعد أصبح محمد أديب العامري وزيرا للتربية ، أو المعارف كما كانت تسمّى .

كان زاهدا جدا في حياته ، وصلته دعوة رسمية لزيارة لبنان لمدة ثلاثة أيام ، حضر إليه وزير الماليه وأعطاه خمسين دينارا ، فسأله أبو الهدى .. لماذا هذا المال ؟ فاجاب الوزير إنها مياومات لك دولة الرئيس ، وحين عاد أبو الهدى من لبنان ، استدعى وزير المالية ، وقام بإرجاع مبلغ خمسة وأربعين دينارا ، طالبا منه إرجاعها للخزينة، حيث أبلغه بأنه لم ينفق سوى خمسة دنانير في بيروت ، وكان ذلك محطّ استغراب وزير المالية ودهشته .

كان يسأل عن كل دينار أين تم إنفاقه وكيف ، حرصه على المال العام لا حدود له ، وقيل إن الرجل مات فقيرا ، وهناك شبهات بأنه ربما انتحر ، ولا أحد حتى اللحظة يعرف ماجرى للرئيس أبو الهدى في أواخر أيامه.

لا أرغب بالمقارنة مع الآخرين ، فلا مجال لذلك ، ومن الصعب أن يتواجد بيننا هذه الأيام من هم على شاكلة توفيق أبو الهدى !