المصدر 7 - منذ أن بدأ العلماء في دراسة نشأة الكون وتطوّره، ظلّ السؤال الأكثر إثارة هو: كيف ستكون النهاية؟ وبرغم التقدم العلمي الهائل، لا يزال مصير الكون لغزاً مفتوحاً أمام مجموعة من النظريات التي تحاول شرح ما قد يحدث بعد مليارات السنين. من بين هذه النظريات، يبرز سيناريو الانكماش العظيم وفرضية الانفجار الثاني باعتبارهما من أكثر التصورات جرأة وغموضاً.

الانكماش العظيم… العودة إلى نقطة البداية

تعتمد نظرية الانكماش العظيم (Big Crunch) على فكرة بسيطة: إذا كانت الجاذبية في الكون أقوى من الطاقة التي تدفعه للتمدد، فإن هذا التمدد سيتباطأ تدريجياً، ثم يتوقف، ليبدأ الكون في الانكماش ببطء. ومع مرور مليارات السنين، ستتقارب المجرّات، وتزداد الحرارة والضغط إلى مستويات هائلة، حتى يعود الكون إلى حالة كثيفة جداً تشبه اللحظة التي سبقت الانفجار العظيم.

هذه النظرية ظهرت مع أعمال الفيزيائي "ريتشارد تولمان" (Richard Tolman) في القرن الماضي، وبقيت حتى اليوم فرضية قائمة ترعاها بعض القراءات الرياضية لقوانين الجاذبية. وعلى الرغم من أنّ الأدلة الأخيرة تُظهر استمرار توسع الكون بوتيرة متسارعة، إلا أن العلماء لا يستبعدون احتمال حدوث انعكاس مفاجئ في المستقبل البعيد.

الانفجار الثاني… دورة لا تنتهي

أما نظرية الانفجار الثاني أو الانفجار الأعظم الدوري (Big Bounce)، فتقدم تصوراً أكثر تفاؤلاً: الكون قد لا ينتهي فعلاً، بل قد يدخل في دورة أبدية من الانكماش ثم يعاود الانفجار مجدداً. وفق هذه الفرضية، عندما يصل الكون إلى أصغر حجم ممكن، تنفجر طاقة هائلة تؤدي إلى ولادة كون جديد، يبدأ في التمدد من جديد كما حدث في الانفجار العظيم الأول.

يعتمد هذا النموذج على أبحاث الفيزياء الكمومية ونظرية الأوتار، التي تشير إلى أن الزمكان قد لا ينهار تماماً، بل يحتفظ بحدود تمنع "السقوط اللانهائي"، ما يسمح بارتداد كوني جديد. ويعتقد بعض الفيزيائيين أن نمطاً معيناً في الخلفية الإشعاعية للكون قد يكون دليلاً خافتاً على دورات الانفجار السابقة.

أين يقف العلم اليوم؟

تُظهِر القياسات الحديثة لتسارع تمدد الكون خصوصاً عبر دراسة “الطاقة المظلمة” أن الكون يميل نحو سيناريو مختلف تماماً، وهو التمدد اللانهائي. لكن المعرفة العلمية ليست نهائية، وكل اكتشاف جديد قد يغير تصوراتنا جذرياً.

فبين الانكماش العظيم والانفجار الثاني، يبقى السؤال مفتوحاً: هل سينتهي الكون… أم سيبدأ من جديد؟