نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أميركا أوّلاً و... أخيراً! - المصدر 7, اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 10:51 صباحاً
المصدر 7 - عبد الرحمن عبد المولى الصلح
في كتابٍ "أيّام المحنة: روزفلت والقتال الأميركي في الحرب العالمية الثانية 1939 – 1941" ، "كانون الثاني 2014 راندوم هاوس" يروي المؤرخ لين اولسون المحاولات الحثيثة التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل لجر أميركا للدخول في الحرب العالمية الثانية ضد محور المانيا/اليابان... وذلك إنطلاقا من قناعته الجازمة أنّ دخول أميركا الحرب، وحده نتيجة، إمكانياتها الهائلة على كل الصعد سوف يُرجّح كفّة الحلفاء للإنتصار على ألمانيا واليابان. يذكر اولسون أنّ بريطانيا طوال عامين من الحرب لم تنجح في إقناع الولايات المتحدة للمشاركة في الحرب ضد المانيا النازية بالرغم من محاولاتها المتنوعة والمتكرّرة ومنها تزوير خرائط وخطط عسكرية منسوبة الى المانيا تدعي استعدادها لغزو أميركا الجنوبية والتي تعتبرها واشنطن حديقتها الخلفية.
هذا إضافةً الى قناعة تشرشل ان روزفلت كان بإنتظار تآكل نفوذ الإمبراطورية البريطانية والتي بدأت بالأفول وبالتالي لم يكن من مصلحة أميركا آنذاك انقاذ بريطانيا للحفاظ على إمبراطوريتها على حساب الدم الأميركي بدليل أنّ عامين مرّا على الحرب العالمية دون أي تدخل أميركي. لكن هجوم اليابان على بيرل هاربور واعلان هتلر الحرب على أميركا قلب المعادلة وكان الباعث الرئيس في دخول أميركا الحرب وقلب الموازين!! وفي هذا الصدّد يذكر أولسون أنّه بعد عملية بيرل هاربور والتي دمّرت الأسطول الأميركي السابع، احتفل السفير البريطاني في واشنطن آنذاك بتلك المناسبة مع أعضاء سفارته وشربوا الشامبانيا احتفالاً بالمناسبة! بإختصار، كان لا بد من اميركا الدولة القويّة لا بل الأقوى في العالم لكسب الحرب.
أوردتُ ما سبق للتذكير بأنه اذا كان لا مفر من الدور الأميركي في الماضي فالثابت أنّه ولحينه وحتى إشعارٍ آخر وفي ضوء قوة أميركا وعظمتها التكنولوجية، العسكرية، الاستخباراتية، العلمية، ديموقراطيتها وتماسك مجتمعها ومؤسساتها فلا غنى شئنا أم أبينا من الدور الأميركي في حسم الأمور وحاجة معظم الدول للتآلف معها كي لا نقول إسترضائها، والأمثلة على ذلك لا تُعد ولا تُحصى. صحيح أنّ الحسم قد لا يكون دائماً في صالح ومصلحة العرب والجهات المعنية، ولكنّ الثابت كما تُبيّن الأحداث ومآلاتها أنّه لولا الدور الأميركي لما حُسمت الأمور. والأمثلة على ذلك أكثر من أن تُعد وتُحصى. فلو لم يُسدل الستار – نتيجة الدور لا بل الضغط الأميركي على إسرائيل وكذلك على "حماس" لدُمرت غزّة عن بكرة أبيها!! إضافة الى حسم الوضع في غزة فليس مبالغة القول انّ أميركا وحدها في ضوء قوتها كان بإمكانها العفو عن الرئيس السوري أحمد الشرع خريج "القاعدة" وضمه الى أحضانها!! تُرى من غيرها كان بإمكانه أن يفعل ذلك؟ صحيح أنّ جفناً لم يرف لعدوانية وهمجية وبربرية إسرائيل، ولكنّ الصحيح أيضاً انّ ذلك يعود الى تأثير وضغط اللوبي الصهيوني منذ عقودٍ مديدة على الإدارة الأميركية.
لكنّ هنالك من يجزم أنّه بالرغم من مفاعيل وتأثير اللوبي الصهيوني، فالقرار أوّلاً وأخيراً بين يدي "المؤسسة – Establishment " الأميركية والتي تتصرّف وفق مصالحها أوّلاً وأخيراً. وبما أنّ الشيء بالشيء يُذكر، ألَمْ يكن من الأجدى بالعرب منذُ ستينيات القرن الماضي العمل على إنشاء لوبي عربي في أميركا لدعم قضايا العرب وتحديداً القضية الفلسطينية خاصةً وأنّهم لا يفتقرون الى العناصر البشرية كالراحل الكبير غسان تويني وغيره من النُخب العربية اضافة الى الموارد المالية؟ لكنّ قوة أميركا لا تنحصر فقط بالشأن العسكري ذلك أنّ قوّتها أيضاً تكمُن في ديموقراطيتها. ولعلّ فوز زهران ممداني المسلم المهاجر من أوغندا والحاصل على الجنسية الأميركية فقط منذ سنوات سبع بعمادة مدينة نيويورك – مقر أكبر سوق مالية في العالم ومقر لأكبر الشركات، وتمكنها من تجاوز العمل الارهابي للقاعدة في ايلول 2001 باختيارها لمسلم اشتراكي يناهض إسرائيل - خيرُ دليلٍ على ذلك. زهران ممداني هو المسلم الذي زاد من حسرتنا نحن العرب، ذلك أنّ بعضاً منّا أسرى الخلافة الإسلامية ... وآخرون أسرى ولاية الفقيه!!
الثابت أيضاً أنّ قوّة أميركا تنبع أيضاً من التفوق المذهل في قطاع التكنولوجيا خاصة في الفترة الأخيرة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي ومجالات الرقمنة، الأمر الذي سوف يترك إنعكاسات مُذهلة في كل أقطاع العالم. وعلى سيرة التكنولوجيا تجدر الإشارة الى أنّ بيل غيتس – الأميركي - مؤسس "مايكروسوفت" وتوابعها تعهد بالتبرع بمئة مليار (نعم مئة مليار) دولار لدعم مشاريع التنمية على تنوعها في دول القارة الافريقية دون تمييز بالدين أو لون البشرة! تُرى هل من العدل أن يكون مصير بيل غيتس النار لانّه ليس فرداً من أمّة المسلمين... بحسب اعتقاد البعض؟ ويقيني أنّ الوقت لم يفت بعد للعرب للسعي جدياً للتأسيس اليوم قبل الغد لوبي عربي يعمل لمصلحة قضاياهم. يرصد المراقب حرص الدول لتوثيق العلاقة مع أميركا. فإسرائيل بالرغم من العلاقات الوثيقة معها، وبحسب موقع "اكسيوس" فإسرائيل تسعى لإبرام إتفاقية عسكرية مع أميركا لمدة 20 عاماً.
وفي ضوء إدراك السعودية لأهمية وثقل أميركا، فحسب وكالات الانباء، فالسعودية أيضاً تسعى لتوقيع اتفاق دفاعي كامل مع واشنطن لكن البديل المطروح حالياً اتفاق شبيه بالإتفاق الذي تمّ بين واشنطن وقطر مؤخراً بعد الهجوم الاسرائيلي الأخير على مقرّات مسؤولي "حماس" في الدوحة، والذي يُتيح لأميركا الالتزام باعتبار اي اعتداء على الدوحة تهديداً للأمن الأميركي... وقد تندرج زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحالية الى واشنطن في هذا الإطار.
الاتحاد السوفياتي وقد تفكك! أوروبا العضو في الحلف الاطلسي لا سند حقيقيا لها إلاّ أميركا، وفي حال انسحاب أميركا من الاطلسي فإن مكانتها سوف تهتز. الصين لا تُشكل خطراً يُذكر ولا تتدخل في شؤون الدول الاخرى إلاّ في بعض الدول الآسيوية هذا إن فعلت.
ليس الهدف التملّق لأميركا بل السعي لإقناعها أنّ مصلحتها تكمن في مصلحة العرب وأنّ ذلك بالنهاية يخدم مصالحها.
باختصار لا بدّ من أميركا ولو... طال السفر! فالثابت أنّ أميركا أوّلاً... وأميركا أخيراً!














0 تعليق