نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أعجب الاختراعات في العصور القديمة التي سبقت عصرها بقرون - المصدر 7, اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 12:16 صباحاً
المصدر 7 - من المؤكد أن الإنسان القديم لم يكن بسيطًا كما نظن؛ فقد برهن على براعة هندسية وابتكارية تفوق بكثير ما نتوقع من حضارات بدائيّة. عبر التاريخ، ظهرت اختراعات مذهلة جعلت القدماء وكأنّهم يعيشون في عصر مستقبلي، من أجهزة حاسوبية ميكانيكية إلى محطات إنذار طبيعية. في هذا المقال نسلط الضوء على بعض من أروع هذه الابتكارات التي سبقت عصرها بقرون.
اختراعات عبر القرون
1. الميكانيزم الأنتيكيثيرا (Antikythera Mechanism)
واحدة من أكثر الاختراعات إثارة للإعجاب تاريخيًّا. هذا الجهاز اليوناني القديم، المكتشف في حطام سفينة بالقرب من جزيرة أنتيكيثيرا، هو أول "كمبيوتر تناظري" معروف في العالم ويحتوي على ترسّات معقّدة وبنية دقيقة، ويمكنه التنبؤ بمواقع الكواكب والكسوف، وحتى حساب مواعيد الألعاب الأولمبية القديمة، إنّ تعقيده يشير إلى مستوى علميّ رفيع جدًا، ولم يُر مثله قبل قرون عديدة في الحضارات الأخرى.
2. محرك البخار البسيط – "إيوليبيل" (Aeolipile)
يعتبر هذا الاختراع من قبل هيرون الإسكندري (Hero of Alexandria) في القرن الأوّل الميلادي من أول نظم تحويل البخار إلى حركة دورانية، يتكوّن من كرة معدنية مثبتة فوق قدر ماء يسخّن، وعندما يتحول الماء إلى بخار، ينفجر البخار من فوهات مائلة مسبّبة دوران الكرة، على الرغم من أن هذه الآلة لم تُستخدم عمليًّا في ذلك الوقت، فإنّها تمثل فهمًا للضغط والبخار يفوق توقعات الكثير من العلماء في العصور القديمة.
3. الأبواب الأوتوماتيكية في المعابد
من اختراعات هيرون أيضًا نظام فريد لفتح الأبواب في المعابد تلقائيًّا، الفكرة بسيطة لكنها عبقرية: يتم إشعال نار على المذبح، فتسخّن الهواء داخل حجرة مغلقة، ويؤدّي ذلك إلى ضغط يدفع الماء عبر أنابيب إلى إسقاطات (أوزان) متصلة بحبال تفتح الأبواب. عند انطفاء النار، ينكمش الهواء، ويرجِع الماء، فتغلق الأبواب، وكان ذلك يُعتقد من قِبل المصلّين أنه "معجزة"، لكن في الحقيقة كان مجرد هندسة بارعة.
4. أول ماكينة بيع، موزع الماء المقدّس
هيرون لم يتوقف عند تشغيل المعابد فقط، بل اخترع أيضًا ما يمكن اعتباره أول ماكينة بيع في التاريخ، كانت آلة تعمل بقطعة نقدية: عندما يُلقى الدينار، تنزل قطعة على رافعة، تفتح صمامًا ويسيل الماء المقدّس، هذه الفكرة تُشبه كثيرًا ما نراه اليوم في آلات البيع، لكن تعود إلى ألفي سنة تقريبًا.
5. أول آلية للكشف عن الزلازل – رصد الزلازل عند تشانغ هِنغ
في عام 132 ميلادي، اخترع عالم صيني شهير يُدعى تشانغ هِنغ جهازًا لرصد الزلازل اسمه "هوفنغ دِدونغ يي"، الجهاز كان عبارة عن برميل برونزي كبير، محاط من أعلى بثمانية رؤوس تنين، تحوي كل منهم كرة معدنية. تحت هذه التنانين توجد ضفادع برونزية. إذا اهتزّ البرميل (أي حدث زلزال)، يفتح فم التنين، وتسقط الكرة في فم الضفدع، فتصدر صوتًا، مما يدلّ على اتجاه الزلزال، رغم بساطته، هو جهاز استشعار طبيعـي مذهل، ويعد من أوائل محاولات مراقبة الكوارث الطبيعية قبل أن نمتلك التكنولوجيا الحديثة.
6. الساعة المائية القديمة
لم تكن الساعة المائية أو ما يعرف بـ "الكلّب المائي" اختراعًا بسيطًا، ظهرت في مصر القديمة، حيث كانوا يستخدمون أوعية بتدرّج داخلي يسمح بتدفق الماء بمعدّل ثابت، لقياس الوقت، كما طوّرت بعض الحضارات هذه الساعات لتكون "ذاتية الضرب" (self-striking)، حيث تحتوي على تماثيل صغيرة تضرب أجراسًا أو أدوات صلبة للإعلان عن مرور الوقت دون تدخل بشري، إنّ استخدام الماء كوسيلة للقياس كان مفهومًا متقدّمًا جدًا مقارنة بما نتوقع من حضارات قديمة.
7. آلات أوتوماتيكية وعروض ميكانيكية
هيرون الإسكندري، إضافة إلى اختراعاته الأخرى، كان يهوى الترفيه. صمّم آلات تمثيلية آلية، مثل مناظرات مسرحية قصيرة تُحرك فيها الشخصيات عبر الحبال، الأوزان، والعجلات، كما أنشأ طيورًا ميكانيكية تغرّد وأجهزة موسيقية تعمل تلقائيًّا، هذه الآلات تُعد من أبكر أشكال الأتمتة (automation) أو الروبوتات البسيطة في التاريخ.
الأثر التاريخي والمعنوي
هذه الاختراعات تظهر أن الإنسان القديم لم يكن فقط باحثًا عن البقاء، بل مبتكرًا ومهما. فقد وضعت أسسًا لعدة مبادئ تقنية نستخدمها اليوم:
مفهوم الحوسبة: من خلال الميكانيزم الأنتيكيثيرا، تعلم الناس كيفية نمذجة الحركة السماوية والوقت. الطاقة الحرارية والبخار: عبر إيوليبيل، تم استكشاف فكرة تحويل الحرارة إلى حركة وهو ما صار أساسًا للمحركات الحديثة. الأتمتة: الأبواب الآلية والعروض الميكانيكية تُمثِّل الطرق الأولى التي تعامل فيها الإنسان مع التحكم التلقائي. مراقبة البيئة: جهاز تشانغ هِنغ كان خطوة أولى نحو الاحتياطات الطبيعية لمراقبة الكوارث.إن استكشاف هذه الاختراعات القديمة يعيد رسم صورتنا عن التاريخ: ليس مجرد ماضٍ بسيط، بل حقبة من الذكاء المتقدّم، التجريب، والابتكار. لقد فَهم القدماء قوانين الفيزياء، واستثمرواها في أدوات تفوق كثيرًا ما نظنه ممكنًا في تلك الحقبة. مثل هذه الاختراعات تدعونا للتأمل في مدى قدرة العقل البشري على الإبداع حتى دون التكنولوجيا الحديثة التي نعتبرها ضامنًا للتقدم.














0 تعليق