الخطر القادم والجرأة المفقودة - المصدر 7

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الخطر القادم والجرأة المفقودة - المصدر 7, اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 12:50 مساءً

المصدر 7 - الوزير السابق آلان حكيم 

يعيش لبنان اليوم أخطر مراحله منذ عقود، ليس لاحتمال عودة الحرب إليه، بل لأنّ من يُفترض بهم أن يمنعوا الكارثة يتصرّفون كأنها لن تكون ولا يرونها. كل ما يُقال عن "أسباب التصعيد" و"الخوف من مواجهة جديدة مع إسرائيل" ليس سوى تغطية على واقع واحد: البلد يُدار بسياسة تقليدية قديمة يغمرها الغموض والهروب، والتسويات،  فيما يُرسم مصيره في الخارج.

 

العالم حسم خياراته، والضغوط واضحة: إمّا أن يحدّد لبنان موقعه من الصراع، ويقطع ارتباطه بأي نفوذ إيراني فعلي، وإمّا أن يبقى معزولًا، عاجزًا عن أي تنفس سياسي أو اقتصادي. الإدارة الأميركية الحالية ترى الأمور إمّا أسود أو أبيض، ولا شيء بينهما.  زيارات الرئيس السوري إلى واشنطن والاجتماعات الإقليمية المتعددة التي لا مكان للبنان فيها، خير دليل. يدرك المسؤولون ذلك جيّدًا، لكنهم يفضلون الصمت لأنّ المواجهة تتطلّب جرأة لا يملكونها.

 

تتحرك إسرائيل بخطة مدروسة لتصفية خصومها واحدًا تلو الآخر. "حزب الله" اليوم هدف مركزي في مشروع نتنياهو الذي يرى في القضاء عليه استكمالًا لمعركة الوجود ضد إيران. الغارات والاستفزازات اليومية ليست صدفة، بل جزءًا من لعبة أكبر يراد للبنان أن يُساق إليها.

 

في الكواليس، الملف الإقتصادي والغازي هو الورقة الحقيقية التي تتحكم بمستقبل البلد. الشركات والاستثمارات الكبرى لا تنتظر اتفاقًا داخليًا أو استقرارًا سياسيًا، بل توقيعًا يُدخل لبنان في المنظومة الجديدة للمنطقة من الهند إلى أوروبا. وما يُروّج عن مساعدات ومؤتمرات إنقاذ ليس إلا واجهة إعلامية تخفي القرار الحقيقي ألا وهو: من ليس على قطار التطبيع، لن يُسمح له باستخراج غازه ولا حتى بالتنفس اقتصادياً.

 

الجنوب ليس خارج هذه الخريطة. منع الأهالي من العودة إلى قراهم لا علاقة له بالاعتبارات الأمنية، بل بمشاريع اقتصادية تُرسم بهدوء عند الساحل اللبناني، حيث الغاز والثروة والحدود البحرية المتنازع عليها. واشنطن وتل أبيب تمسكان بخيوط اللعبة في سوريا والمنطقة، ولبنان مجرد مساحة صمت بينهما ومشهد جمرٍ يخفيه الرماد.

 

وما هو أخطر من كل ذلك التغيّرات المرتقبة في دمشق والتي ستنعكس حتمًا على بيروت. النظام السوري الجديد يُعاد إدخاله إلى المسرح الدولي تحت شعار “مكافحة الإرهاب”، أي الانخراط في التحالف الذي يصنّف حزب الله ضمن أهدافه. هذا التحوّل وحده كفيل بتغيير التوازنات في لبنان خلال أشهر قليلة! وزيارة الرئيس السوري إلى الرئيس ترامب والمديح من جهة واحدة يذكرنا بتكرار السيناريو قبل حرب الخليج الأولى.

 

أما قضية النازحين السوريين فهي ليست كما تُعرض في الإعلام. تُخفي وراءها منذ سقوط النظام ترتيبات ديموغرافية دقيقة، يراد منها خلق بيئة موقوتة لتفجير الداخل من بوابة الطائفية واللجوء، عند الحاجة.

 

وفي ظل هذا كله، يظهر بعض المسؤولون على الشاشات بوجه مطمئن، يكرّرون أنّ “الأوضاع بخير”، وأنّ “الاستقرار مضمون”. أي استقرار هذا، والبلد بلا مصرف، بلا ميناء، بلا رؤية، وبلا قرار؟ هذه ليست طمأنينة، بل خداع سياسي متعمّد. هل يحق لنا إخفاء الحقيقة فيما الخطر يقترب؟

 

الحقيقة المُرّة أنّ قرار الحرب والسلم لم يعد في بيروت، ولا في الضاحية. القرار هناك، بين واشنطن وطهران، حيث يُقرَّر مصير المنطقة بأكملها ولبنان مجرد ورقة صغيرة على طاولة الكبار.

 

والأسوأ توصيف الطبقة الحاكمة في البلد وكأنّها راضية بالواقع، وتسيير الأمور واقتصار دورها على تسيير الأمور والخضوع والتنفيذ!

 

يسير البلد نحو تسوية كبرى لا مكان فيها للضعفاء أو للتصاريح المائعة ولا للرهان على الوقت!

 

لبنان اليوم لا يُهدَّد بالحرب فقط، بل يُهدَّد بالضياع، وكل مسؤول غائب عن هذا الواقع هو حتما في رتبة المتواطئ والمشارك في صناعة نهاية وزوال البلد. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق