نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل سيُغيّر الذكاء الاصطناعي عدد أيام العمل في العالم العربي؟ - المصدر 7, اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 08:25 صباحاً
المصدر 7 - *رامز القرا
لا يخفى على أحد أنّ الذكاء الاصطناعي بدأ بالفعل يعيد تشكيل بنية سوق العمل في العالم العربي، ليس من حيث الاستبدال الوظيفي فحسب، بل من حيث طبيعة المهمات، المهارات المطلوبة، وحتى عدد ساعات العمل والأدوار الوظيفية.
استبدال الوظائف وترشيقها
في الخليج تحديداً، تستثمر الحكومات استثمارات كبيرة في الذكاء الاصطناعي من أجل أتمتة وظائف تقليدية مثل المراجعين، المدقّقين، ومراقبي العمليات. فالتقنيات الذكية قادرة على جمع البيانات وتحليلها بسرعة وكفاءة تفوق الإنسان في مهمات متكرّرة أو كثيفة معلوماتياً. وتشير دراسة حديثة إلى أن دول مجلس التعاون (GCC) تواجه ما يمكن تسميته "نظام موّالَين مزدوجاً" بين نخبة بحثية وممارسين متدرّبين بسرعة، ما يُفاقم احتمال التفاوت الوظيفي.
أما من جهة أخرى، فإن الذكاء الاصطناعي يُستخدم لتعزيز وظائف قائمة: في التعليم، إدارة الموارد، تحليل البيانات، والأعمال التي تتطلب تفكيراً خلقياً أو مهارات تواصل أعلى. يبدو أن الأمر ليس استبدالاً فحسب، بل إعادة توجيه الوظائف نحو ما لا يمكن للآلة القيام به، حتى الآن.
خلق وظائف وتأهيل القوى العاملة
من المنطقي أن يُفضي هذا الاستثمار إلى خلق وظائف جديدة، ولكنّ المشكلة الكبيرة تكمن في أن شريحة كبيرة من العاملين اليوم لا تملك المهارات الكافية لتوليها. تقرير من PwC لمستقبل القوى العاملة في الشرق الأوسط، أشار إلى أن الشركات في المنطقة ليست جاهزة بدرجة كافية لمواجهة التغييرات الناجمة عن الأتمتة والذكاء الاصطناعي.
صورة تعبيرية مولّدة بالذكاء الاصطناعي
بالتالي، فقد نكون أمام مفترق: أولئك الذين يتكيّفون ويكتسبون المهارات المطلوبة، وأولئك الذين قد يخرجون من السوق أو يجدون أنفسهم في وظائف مخفوضة الأجر أو أقل كفاءة.
تغيّر في عدد أيام العمل أو ساعاته؟
فيما لم يظهر حتى الآن تغيير رسميّ جوهريّ في عدد أيام العمل الأسبوعية في العالم العربي، (إنّما هناك تجارب عالمية أسبوعية من أربعة أيام عمل فقط كمحاولات في بعض الدول).
لكن ما نراه هو تغيّرات في طبيعة العمل:
• مهمات روتينية أو إدارية يتم إنجازها أسرع بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي، ما يقلّل الوقت الذي كان يُستغرق سابقاً في إنجازها.
• تغيّر في موازنة "عدد الساعات في مقابل الإنتاجية"، الشركات بدأت تنتقل من قياس الموظف بناءً على وجوده في المكتب ساعات أطول، إلى ما إذا كان يحقّق نتائج مضمونة بالوسائل الذكية.
• توجّهات نحو العمل المرن أو الجزئي أو "عن بُعد" أكثر من ذي قبل، باعتبار أن التكنولوجيا تسمح بذلك، وهو ما يؤثر على عدد الأيام أو شكلها.
هل نحن أمام أزمة بطالة اجتماعية؟
يُحتمل ذلك. فمع هذا التغيير التكنولوجي السريع، إذا لم تُوفّـر الدول وقطاع الأعمال برامج تأهيل وإعادة تأهيل فعّالة، فقد يُصبح هناك "صُمودٌ" للوظائف التقليدية، ما قد يؤدّي إلى ارتفاع البطالة أو ضعف نوعية التوظيف. دراسة حول المملكة العربية السعودية أكّدت أن الذكاء الاصطناعي لا يستبدل العامل مباشرة، بل يُعيد توجيهه إلى وظائف جديدة، لكنّ المخاطر — خصوصاً في أعداد غير معدّة — لا تزال قائمة.
وبما أنّ الفجوة بين المهارات المطلوبة والعرض المحلي كبيرة، فإن دور الحكومات، الجامعات، ومقدّمي التدريب يصبح حاسماً.
خلاصة: نحو خمسة أيام أو أربعة؟
رغم أن خفض عدد أيام العمل الأسبوعية إلى أربعة أو أقل ليس واقعاً حالياً في معظم الدول العربية، فإنّ الذكاء الاصطناعي يُحدث تغيّرات في كيفية توزيع أيام العمل وساعاته وليس فقط عددها. ربما في المستقبل القريب سنرى نماذج تجريبية في المنطقة تحاول تقليل عدد أيام العمل لتعويض العمال التغيّرات الناتجة من الأتمتة، لكنّ الأهم الآن هو:
• تأهيل القوى العاملة للانتقال إلى مهمات ذات قيمة أعلى.
• إعادة تصميم الوظائف لتنتقل من "تنفيذ" إلى "إشراف – توجيه – إبداع".
• بناء سياسات تؤمن بأن الانتقال التكنولوجي ليس على حساب فئات عريضة من المجتمع.
*خبير في التحوّل الرقمي












0 تعليق