المصدر 7 - حديث الدكتور زاهي حواس عن قدرة مصر على استرداد تكلفة المتحف المصري الكبير خلال عامين لا يعكس مجرد تقييم مالي، بل يعكس تحولًا في النظرة الوطنية لهذا المشروع، الذي يتجاوز كونه متحفًا إلى كونه استثمارًا اقتصاديًا وثقافيًا ضخمًا. 

فالمتحف يشكل منصة عالمية جديدة تقدم مصر في صورة القوة الحضارية التي تمزج بين التاريخ العريق والتخطيط المستقبلي، وفي الوقت نفسه تفتح أبوابًا واسعة أمام طفرة سياحية غير مسبوقة.

من منظور مختلف، يرى حواس أن المتحف لم يرفع فقط قيمة الآثار المصرية أمام العالم، بل أعاد تشكيل علاقة المصريين أنفسهم بتراثهم، وهو ما ظهر جليًا في إقبال العائلات من المحافظات البعيدة، مثل الأسرة التي قطعت مئات الكيلومترات من الوادي الجديد لزيارة هذا الصرح.

 تلك المشاهد ليست عابرة، بل مؤشر على أن المتحف أصبح نقطة جذب وطنية تُعيد للأجيال شعورهم بالانتماء لتاريخهم وملامسة جذور حضارتهم.

مقتنيات تصنع اقتصادًا وتمنح مصر قوة سردية عالمية

من زاوية مختلفة، يصف زاهي حواس مقتنيات المتحف بأنها ليست قطعًا أثرية جامدة، بل أدوات سرد حضاري تحمل قصصًا إنسانية قادرة على التأثير في زوار العالم. 

فكرسي العرش الذي يجسّد مشهد الحب بين توت عنخ آمون وزوجته يُعد نموذجًا لرواية تاريخية عاطفية تسوّق مصر ثقافيًا بقدر ما تبهر علميًا، بينما يظل القناع الذهبي للملك الصغير أيقونة عالمية يمكنها وحدها تحريك ملايين السائحين.

كما أن عرض مقتنيات مقبرة "خع سخم" - حارس أم الملك خوفو - لأول مرة، يمنح المتحف ميزة بحثية وسياحية نادرة، تجذب الخبراء والمهتمين وتزيد من قيمة الزيارة، بما يخلق دورة اقتصادية مستمرة تعتمد على المعرفة والتجربة البصرية في آن واحد.

الهندسة الأثرية الحديثة: مركب الشمس نموذجًا عالميًا

رؤية زاهي حواس تتناول أيضًا من زاوية مختلفة عملية نقل مركب الشمس، معتبرًا أنها ليست مجرد إنجاز أثري، بل شهادة حديثة على قدرة مصر في الجمع بين التكنولوجيا المتقدمة واحترام الأثر، مما يعزز ثقة العالم في قدرة الدولة على إدارة كنوزها بحرفية عالية.

رؤية جديدة

بحسب زاهي حواس، المتحف المصري الكبير ليس حدث افتتاح، بل مشروع إعادة صياغة لصورة مصر عالميًا، واستثمار ثقافي قادر على توليد عائدات ضخمة، وتعزيز دور الحضارة المصرية كقوة ناعمة مؤثرة.

إنه مشروع القرن الذي لا يكتفي بعرض الآثار، بل يبني اقتصادًا جديدًا يرتكز على التاريخ ويستثمر فيه بعقلية معاصرة.