فيينا على طبق — حكاية عن التاريخ والنكهة وإعادة الابتكار - المصدر 7

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فيينا على طبق — حكاية عن التاريخ والنكهة وإعادة الابتكار - المصدر 7, اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 06:20 صباحاً

المصدر 7 - هناك مدن نزورها، وهناك مدن نتذوقها. وفيينا بلا شك من النوع الثاني. منذ اللحظة الأولى، تستقبلك المدينة ليس فقط بعمارتها الإمبراطورية وأناقتها الهادئة، بل برائحة… وعد صامت بأن كل يوم في هذه المدينة سيكون فصلاً جديداً من التراث والطعام والقصص.

كانت الرحلة مخصصة لاكتشاف المطبخ الفيينّي، لكنها سرعان ما تحولت إلى شيء أعمق: رحلة إلى روح مدينة هويةُ طعامها محفورة عبر قرون طويلة، وفي الوقت نفسه تعيد اختراع نفسها بمطبخ نباتي متطور وثقافة آخذة في التوسع من المشروبات غير الكحولية.

فيينا ليست فقط مدينة تُشاهد.
فيينا مدينة تُتذوّق… ببطء، وباحترام.

حيث يغلي الماضي — تراث المطبخ الفيينّي

المطبخ الفيينّي هو المطبخ الوحيد في العالم الذي سُمّي على اسم مدينة. إنه مزيج من قرون طويلة: تأثيرات من النمسا والمجر وبوهيميا والبلقان وإيطاليا. كل طبق يحمل معه جزءاً من التاريخ.

شاهد أيضاً: السياحة في فيينا

في ساعات الصباح الباكر، وأنت تتجول في الشوارع القديمة، تشعر بأصداء الإمبراطوريات والموسيقيين والشعراء الذين مرّوا من هنا. المقاهي ليست مجرد مقاهٍ؛ هي مؤسسة ثقافية تحميها اليونسكو. طاولات رخامية، جرائد معلّقة، ونُدُل ببدلات سوداء يتحركون بهدوء يشبه مشهداً من القرن الماضي.

ووسط هذا الإرث العظيم، تظهر مفاجأة جميلة:
حلويات فيينّية نباتية بالكامل—فطائر التفاح النباتية، التارت النباتي، المعجنات الخالية من الزبدة—كلها تُقدَّم باحترام للتقاليد، دون أن تفقد الروح الفيينّية الأصلية.

اللغة الجديدة للنَكَهَة — الثورة النباتية في فيينا

إذا كان التراث هو العمود الفقري لفيينا، فإن الابتكار هو نبضها.

تحولت المدينة خلال السنوات الأخيرة إلى مختبر ضخم للمطبخ النباتي. لكن الأجمل هو أن هذا التطور لا يأتي كتحدٍ للتقاليد، بل كامتداد طبيعي لها.

شاهد أيضاً: دليلك للسفر إلى النمسا

شاهد أيضاً: أبرز الأنشطة السياحية في النمسا

في مطاعم مثل JOLA، شعرنا أن المطبخ النباتي الراقي قادر على أن يكون فيينّياً بامتياز—بنكهته، بطقوسه، وبطهْيه البطيء المدروس. الأطباق كانت لوحة فنية: جذور محمّصة ببطء، شوربات عميقة النكهة، تقنيات تخمير مستوحاة من مطابخ أوروبا الوسطى.

لم يكن الهدف “تقليد” النكهات التقليدية، بل إعادة تعريفها.

وهكذا… ظهر مستقبل جديد، لكنه ما يزال مرتبطاً بجذوره.

الفضة والحِرفة — حين تروي الأشياء قصصها

زيارة مصنع Vaugoin للفضة كانت درساً آخر في الهوية الفيينّية.
كما يُتقن الطهاة صنع أطباقهم، يُتقن الحرفيون هنا تشكيل الفضة—دقة وصبر واحترام للموروث.

وهنا فهمت شيئاً واضحاً:
مدينة تقدّس الحِرفة في الفضة، لا بد أن تقدسها أيضاً في الطعام.

الأسواق — حيث يصبح التاريخ قابلاً للأكل

الأسواق في فيينا ليست مجرد أماكن للشراء. إنها مسرح للثقافات.
أصوات بلغات متعددة، نكهات من البلقان وتركيا وأوروبا الوسطى، خضروات موسمية، خبز طازج، ومعاجين نباتية مصنوعة من بذور دوار الشمس وزيت اليقطين.

زيت اليقطين، “الذهب الأخضر”، كان نكهة تتكرر في كل مكان—على السلطات، الحساء، وحتى الحلويات. دائماً نباتي، دائماً أصيل.

هذه البساطة الممزوجة بالابتكار جعلتني أقول بثقة:

فيينا هي واحدة من أجمل الوجهات النباتية في أوروبا… بهدوء ودون ضجيج.

ثقافة المشروبات غير الكحولية — أناقة بلا خمر

رغم شهرة النمسا بنبيذها، إلا أن فيينا تشهد صعوداً مذهلاً لمشروبات غير كحولية راقية.

خلال العشاء، كانت خيارات الـ Zero-Proof جزءاً أساسياً من تجربة التذوق—مشروبات تعتمد على:

أعشاب الألب تخمير التفاح عصائر عنب فوّارة طبيعية مقطرات نباتية بروائح زهرية أو فلفلية تونك عشبي بنَفَس جبلي

كانت المشروبات تروي حكاية الطبيعة النمساوية…
بلا كحول، لكن بكامل الأناقة.

المتاحف والفن والمطبخ — علاقة لا تنفصل

في متحف الفنون التطبيقية MAK، أدركت لماذا تعامل فيينا الطعام كفن.
هنا، الفن ليس مجرد صور معلّقة؛ إنه يعيش في الأثاث، في العمارة، في تصميم الحياة اليومية.

تصبح فطيرة التفاح فناً. يصبح الطبق النباتي تجربة بصرية. تصبح طاولة الكافيه عملاً تاريخياً. المدينة كلها معرض… والمطبخ جزء من هذا المعرض.

الأشخاص الذين شكّلوا التجربة

الرحلة لم تكن لتكتمل دون الأشخاص الذين التقيتهم:

المرشدون الذين رووا حكايات عن المقاهي العائلية الطهاة الذين تحدثوا عن التخمير وكأنه شعر صُنّاع الفضة الذين تحدّثوا عن الإرث مثلما يتحدث الموسيقيون عن مقطوعاتهم فيينا مدينة مبنية على اللطف بقدر ما هي مبنية على التاريخ.

المذاق الأخير — فيينا بين الأمس والغد

عند نهاية الرحلة، كانت الصورة واضحة:

فيينا ليست مدينة تحاول الهروب من تاريخها.
إنها مدينة تستخدم تاريخها لتكتب مستقبلها.

مدينة يجتمع فيها:

المطبخ الإمبراطوري القديم والمطبخ النباتي الحديث المقاهي التقليدية والمشروبات غير الكحولية الراقية الحِرف القديمة وتقنيات الطهي المستقبلية فيينا لا تطلب منك أن تختار بين التراث والحداثة.

إنها ببساطة تدعوك لتتذوق الإثنين

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق